يحتمل أن ما مصدرية والتقدير انظر في قولك ويحتمل أنها موصولة والتقدير انظر في الذي تقوله والمعنى واحد والجملة في الوجه الأخير صلة الموصول، وإنما أراد التثبت خشية الغلط والنسيان وكأنه استعظم ما ذكر من الثواب على الوضوء والصلاة بعده ولعله لم يكن سمع شيئًا من الأحاديث المتقدّمة في هذا المعنى وهو لعمر الله فضل عظيم وخير جسيم فنسأل ربنا التوفيق ونحمده على نعمة الإِسلام، وهذا من أبي أمامة نظير ما يأتي عن عمر من قوله لعمار في التيمم وكذا قوله لأبي موسى في السلام ثلاثًا وقول عمر بن عبد العزيز لعروة: إعلم ما تحدث به يا عروة. ونحو ذلك مما يراد به التثبّت وإن كان المتكلم يعلم صدق القائل ولهذا لما قال أبيّ لعمر في قصته مع أبي موسى:"يا بن الخطاب لا تكن نقمة على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اللهم غفرًا إنما أردت التثبت".
وقوله:(أكل هذا) أكل يحتمل الرفع على أنه مبتدأ والخبر الجملة بعده والأصح والمختار فيه أن يكون نائب فاعل لفعل مقدّر بعد الهمزة أو منصوبًا به على قاعدة الإِشتغال لأنه إذا كان قبل الإِسم أداة تلي الفعل في الغالب كان النصب أرجح هذا على رأي من يرى أن الأكثر في أداة الإستفهام أن يليها الفعل.
وقوله:(يعطى) أي يعطيه الله في مجلس واحد وقول عمرو أما بالتخفيف وفتح الهمزة حرف استفتاح بمنزلة ألا وهي كثيرًا ما تأتي قبل القسم، كقول الشاعر:
أما والذي أبكي وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما النفر
وذكر ابن هشام أنها قد تبدل همزتها هاء فتقول هما أو عينًا وتكسر همزة إن بعدها كما تكسر بعد ألا الإِستفتاحية وهذا أحد معنييها والثاني: أن تكون بمعنى حقًا أو أحقًا على خلاف في ذلك وتفتح بعدها همزة أن كما تفتح بعد حقًا كما في قول الشاعر:
أحقًا أن جيرتنا استقلوا ... . . . .
وهي مع حقًا مختلف فيها، فعند بعضهم أنها حرف، وقال جماعة: إنها اسم بمعنى حقًا، والقول الثالث: إنها كلمتان الهمزة للاستفهام، وما اسم بمعنى شيء، وذلك الشيء حق، فالمعنى: أحقًا، هذا الوجه رجحه ابن هشام