للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الحديث المذكور وليس فيه أكثر من كونه غسل حتى أشرع في العضد والاستدلال به على الزيادة التي يقولون بها غير مسلم فإن غاية ما فيه أنه أراد استيعاب الفرض ولا يمكن تحقق ذلك إلا بإصابة الماء طرف العضو كما لا يخفى ثم ذكر أن احتجاجهم أي المخالفين لمذهبه بقوله: (فمن زاد أو نقص فقد أساء وظلم) فلا يصح لأن المراد عنده الزيادة في عدد الغسلات وهو غير مسلم لاحتمال الوجه الآخر فيه وهو النهي عن الزيادة على الفرض وذكر ابن حجر: أن ابن أبي شيبة رواه عن ابن عمر فيه ما فيه لعدم ثبوت ذلك ثم ذكر أنه رواه بإسناد أصح من إسناد ابن أبي شيبة عن ابن عمر.

والذين قالوا بالزيادة اختلفوا في مقدارها فمنهم من قدرها، ومنهم من قال: من غير تقدير ومنهم من قال: يغسل العضد والساق ومنهم من قال: إلى المنكب والركبتين وهذا أبعد في الإحتمال ولم يرد به نص كما قدمنا والحديث وإن قال النووي: يحتمل هذا فهو قول لا يخفى على منصف بُعْدُه فإن قوله: (حتى أشرع في العضد أو في الساق) بعيد جدًا من المنكب والركبتين فسبحان من حبب إلى هؤلاء الأئمة مع جلالة قدرهم تأييد مذهبهم ولكن أبى الله أن يجعل العصمة إلا للأنبياء وكيف يكون هذا سنة لا ينقل عن أحد من الصحابة أنه فعلها غير أبي هريرة حتى ولو صح أن ابن عمر فعله فهل يليق بجميع الصحابة بما فيهم الخلفاء الراشدون ترك ما أمرهم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إطالة الغرة على أن المراد بها هذا حتى يكون المتأخرون يفهمون ذلك ويحرصون عليه وأبو هريرة وحده الذي عمله فهذا شيء لا يخفى بُعده، والله الموفق للصواب لاسيما في مسألة كهذه متعلقة بالصلاة ومحلها من الدين معروف. وفي الحديث دليل على أنه ينبغي لمن رأى العالم يصنع شيئًا وخفى عليه وجهه أن يسأله ويجب على العالم إذا سئل بيانه مصحوبًا ببيان دليله لأنه ربما كان مترخصًا ولهذا قالوا في المثل: "سل العالم يصدقك ولا تَقْتَدِ بِفِعْلِهِ" وذلك لأنه قد يترخص كما تقدم أو يكون به عذر فيبين ذلك وسيأتي لهذا نظائر إن شاء الله تعالى وفيه أنه ينبغي للإِنسان أن يتقي الشيء الذي يشوش على الناس إذا لم يكن واجبًا وله أدلة ستأتي أيضًا ومنه ما تقدم في باب السواك من ترك الأمر به خشية المشقة، وفيه دليل على فضل الوضوء، وفيه المبالغة في استيعاب الفرض

<<  <  ج: ص:  >  >>