من الضمير في قوله:(يأتون) وقوله: من الوضوء. أي من أجله وجزاء على فعله في الدنيا امتثالًا لأمر ربهم، وتخصيصه لهم بذلك لأن أصحابه يعرفهم بدون هذه العلامة.
• الأحكام والفوائد
الحديث دليل على استحباب زيارة القبور وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله وفيه: أن السنة لمن زارهم أن يسلم عليهم بهذه الصفة، وفيه: دليل على فضيلة السلام وأن الله اختاره للمسلمين في الحياة وفي البرزخ كما أخبر أنه تحيتهم في الجنة قال: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} وتحية الملائكة لهم بل يحييهم به ربهم -عز وجل- كما قال: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)} وفيه: استحباب استعمال المشيئة ولو كانت في أمر محقق الوقوع لما في ذلك من الأدب مع الله والتبرك بذكر مشيئته وفيه: جواز التمني ولو علم أنه لا يحصل له ما تمناه ولهذا فرقوا بين التمني والترجي لأن الترجي لا يكون إلا في ممكن الحصول والتمني أعم منه لوقوعه في الممكن وغيره وفيه: محبة أهل الإيمان وحب رؤيتهم ولقائهم والسرور بذلك، وفيه: إثبات الحوض كما سيأتي -إن شاء الله- وهو نهر من أنهار الجنة، وفيه: بشرى لكل مسلم يموت على الإيمان, وفيه ما تقدم من سؤال التابع للمتبوع والمتعلم للعالم ولولا ذلك لم يحصل العلم إذا كان فيما يسأل عنه فائدة وليس ذلك داخلًا فيما نهى عنه من السؤال، وفيه: ضرب المثل لحصول الفائدة وهو كثير في القرآن والسنة، وفيه: دليل على فضل الوضوء وفيه: معجزة له - صلى الله عليه وسلم - لإِخباره بهذا وهو من الأمور المغيبة التي أطلعه الله عليها فأخبر أمته بها فوجب الإِيمان بها، وقد تقدم أن بعض العلماء استدل به على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة ويرده ما ورد في البخاري من قصة سارة زوج الخليل في باب شراء المملوك الحربي وبيعه وعتقه، وفيه:(أن سارة لما طلبها الجبار وأرسل بها الخليل إليه فقام إليها فقامت توضأ وتصلي فقالت: اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط على الكافر) الحديث فهو صريح في العمل بالوضوء قبل أمتنا هذه، والله أعلم.