والأول أظهر وقوله: خيل اسم جنس لا واحد له من لفظه فإن أريد الواحد قيل فرس وقال أبو عبيدة: أنه جمع خائل لأنه يختال في مشيته وأنكر ذلك ابن سيده، وقوله:(غر محجلة) الغرة بياض في وجه الفرس، وفرس أغرفيه بياض في وجهه زائد على قدر الدرهم والمحجل الذي في قوائمه بياض لا يبلغ العراقيب ولا يكون محجلًا إلا إذا كان ذلك في الرجلين أو فيهما مع اليدين أو واحدة منهما، وأما إذا كان البياض في اليدين فقط فلا يسمى تحجيلا بل يقال فيه أعصم لأن الرجلين هما محل الاحجال وهي الخلاخيل والقيود والمعنى خيل بيض الوجوه بيض الأيدي والأرجل وهذا هو وجه شبه أهل الوضوء بهذه الخيل لأن البياض يكون في مواضع الوضوء وهي الوجه والأيدي والأرجل فسيماهم بياض هذه المواضع كما أنها تكون سيما الخيل وقوله:(غر محجلة) صفتان للخيل، وقوله:(في خيل) أي داخلة في خيل ومختلطة بها ودهم: جمع أدهم وهو الأسود والبهم جمع أبهم والأبهم الذي ليس فيه لون يخالف لونه والجمع بهم والمعنى أن لهم علامة بين الناس تميزهم عن سائر الأمم.
وقوله:(ألا يعرف خيله) الهمزة للاستفهام ولا نافية والاستفهام للتقرير وهو حمل المخاطب على الاعتراف أي هل يتصور أنه لا يعرف خيله التي هي بهذه العلامة لأن العرب تجعل ذلك من الأمور الواضحة، قال جرير:
رأوا أثْبِية الفهدات وردًا ... فما عرفوا الأغر من البهيم
وصفهم بشدة الرعب.
وقوله:(بلى) حرف جواب للاستفهام المصحوب النفي فهي تنقض النفي كقوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}، وقوله:{لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا} فأجاب بقوله: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} الآية، ونعم في جواب الاستفهام أي الخالي من النفي ولهذا لو قال قائل أما عندي لك شيء فقلت بلى رددت نفيه وأثبت عليك ولو قلت: نعم صدقته في نفيه ولم تعترف وقوله: (فإنهم) ظاهره أن ذلك خاص بالذين لم يوجدوا منهم وليس الأمر كذلك لأنه جاء بلفظ أعم كقوله: (إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا) فأطلق لفظ الأمة فدل على أن الصفة عامة وقوله: (يأتون) أي يبعثون ويردون الحوض علي وغرًا ومحجلين حالان