تقدّم الكلام على كلمة إذا، وقوله:(جلس) من الجلوس ضد القيام، أي: صار بذلك المحل وتوسط بين أطرافها.
وقوله:(شعبها) الشعب كصرد جمع شعبة بالضم وهي: طرف الشيء المتشعب أي المتفرّع منه، والطائفة من الشيء والقطعة منه، من الشعب الذي هو التفرّق والتصدع، ويطلق على الجمع فهو من الأضداد، واختلفوا في تعيين المراد هنا فقيل: اليدان والرجلان، وقيل: الرجلان والفخذان، وقيل: فخذاها وشفراها أو فخذاها واسكتاها وقيل: نواحي فرجها، ورجّح جماعة أن المراد اليدان والرجلان.
قلت: وهو الظاهر عندي لأن انطباق الأطراف عليهما أظهر من جميع ما ذكر، والمراد على كل حال الكناية عن مكان الرجل من المرأة في حال الجماع، وهي حالة يستقبح ذكرها فكنِّي عنها بلفظ الشعب التي هي بمعنى الأطراف، ليفهم بذلك المراد من حالة اتصال محلي الجماع، والضمير في قوله:(جلس) وفي قوله: (جهدها) للرجل لكون السؤال واقعًا بذكره وهو قولهم له: إذا جامع الرجل أهله ولم ينزل؟ وكذا ضمير شعبها راجع إلى المرأة المنوه عنها بلفظ:(أهله). ورجّح ابن دقيق العيد كون المراد الرجلين واليدين ويكون الجماع مكنيًا عنه بذلك، واكتفى بما ذكر عن التصريح به، وعلل الترجيح يكون العمل على ذلك أقرب إلى الحقيقة أي حقيقة كونه جلس بين الشعب، فالبينية إنما يتحقّق حصولها بالجلوس يحمل الشعب على ما ذكر.
وقوله:(ثم جهدها) أي بلغ مشقتها، يقال: جهده وأجهده بلغ مشقته، وهذا أيضًا لا يراد حقيقته وإنما المقصود منه الكناية عن الجماع ومعالجة الإِنزال، وأن ذلك إذا حصل فقد وجب الغسل وإن لم ينزل، فهي كلها كنايات عن هذا الفعل الذي هو الجماع ليفهم المراد بدون التصريح بما يستقبح ذكره من ذلك. وقيل: جهدها كدَّها وحفزها وبلغ جهده في العمل والحركة بها. ولمسلم من طريق شعبة عن قتادة:"ثم أجهدها"، وفي رواية لأبي داود من طريق شعبة وهشام معًا عن قتادة:"وألزق الختان بالختان" بدل (ثم جهدها) وهذا يدل على أن الجهد كناية عن معالجة الإِيلاج، وفي رواية أبي موسى عن عائشة عند مسلم: