"مس الختان الختان"، والاتفاق حاصل على أنه لا غسل إلا بالإِيلاج إن لم يكن إنزال، ومس الختان قد يحصل معه إيلاج وقد لا يحصل لكن الغالب أنه لا يحصل إلا مع الإِيلاج. وللترمذي "إذا جاوز الختانُ الختانَ" وهي أبين في المراد بلفظ المس، لأن المجاوزة أبلغ من مجرد المس ويلزمها الإِيلاج وقد تقدّم أن الحكم مترتب على الإِيلاج وإن لم يحصل إنزال. وذكر أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار: من حديث عمرو بن شعيب: "إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل"، وقد تعقب الاستدلال بالحديث على وجوب الغسل دون إنزال؛ باحتمال أن يكون المراد بالجهد الإِنزال لأنه غاية الفعل، ولكن يرده أمران: أحدهما: أن سبب الحديث السؤال عمن جامع ولم ينزل، وهذا كالصريح في أن الجواب صادر في حق من جامع ولم ينزل، والثاني: ما جاء من الروايات المصرّحة بوجوب الغسل بهذا الفعل ولو لم يحصل إنزال، كرواية مسلم في صحيحه عن مطر الورَّاق في آخر هذا الحديث:"وإن لم ينزل"، وروى ابن أبي خيثمة في تاريخه عن عفان قال: حدثنا همام وأبان قالا: حدثنا قتادة به، وزاد في آخره "أنزل، أو لم ينزل"، ورواه الدارقطني وصححه من طريق علي بن سهل عن عفان، وللطيالسي عن حماد بن سلمة عن قتادة مثله، فدل ذلك على صحة حمل الحديث على وجوب الغسل بالإِيلاج دون الإِنزال، وأما ما حكاه الخطابي من أن الجهد من أسماء النكاح فلا عبرة به، فقد قال الفاكه:"لم أر هذا القول في شيء من دواوين اللغة"، والذي نُقل عن الجوهري أن الجاهد: الشهوان، فعلان من الشهوة، أعم من أن يكون للنكاح فهو غير معروف.
وقوله:(فقد وجب الغسل) الفاء واقعة في جواب الشرط، ومعمول الفعل المحذوف المتعلق بوجب مقدّر أي: وجب عليه الغسل أو عليهما معًا لأن المرأة كالرجل في ذلك، والغسل: تعميم البدن بالماء، والغسل: الاغتسال.
• الأحكام والفوائد
قال ابن حجر -رحمهُ الله-: (جمهور الأئمة على مقتضى هذا الحديث في وجوب الغسل بالتقاء الختانين من غير إنزال. وذهب داود الظاهري وبعض أصحابه إلى عدم الوجوب، وبعض من أصحابه الظاهرية خالفه في ذلك ووافق الجماعة، ومستند الظاهرية قوله:"إنما الماء من الماء" وقد جاء في الحديث: "إنما كان