تقدّم الحديث من رواية أنس بن مالك، وتقدم تخريجه هناك وبعض معانيه.
• اللغة والإعراب والمعنى
قولها:(كلمت رسول الله) أي بالكلام الذي ذكرته وهو قولها: إن الله إلخ وجملة (كلمت) في محل رفع خبر أن، وقوله:(وعائشة جالسة) جملة حالية أي عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقت كلام أم سليم.
وقولها:(إن الله لا يستحيي من الحق) الحياء خجل وانكسار يعتري الإنسان عند ملابسته لما يعاب عليه أو يذم فاعله أو يستقبح منه وذكره يعيره أو يكرهه، يقال منه: استحا يستحي واستحيا يستحيي، قال ابن دقيق العيد وغيره: هو بهذا المعنى يستحيل على الله، فيكون المعنى لا يمنعه الحياء من بيان الحق أي كما يمنع ذلك بعض الناس. قال: وقد يقال إن هذا إنما يحتاج إليه عند الإثبات، وأما في حال النفي فإن النفي لا يدل على الحصول أي حصوله من الله، اللهم إلا أن يقال: إن نفيه في هذه الحالة يدل على حصوله في غيرها.
قلت: وقد جاء مثبتًا في الحديث الصحيح: "أما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه". وكذلك في الحديث الآخر:"إن الله حييٌ كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرًا خائبتين" ويأتي حديث يعلى: "إن الله حيي سِتِّيْر"، وإذا ثبت ذلك وجب الإِيمان بوجود هذه الصفة لله -عَزَّ وَجَلَّ- على وجه يليق بجلال الله، مخالف لصفات المخلوقين من غير تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه، كما هو الواجب في الإِيمان بالذات وبسائر الصفات الثابتة في الكتاب والسنّة. وهذا القول من أم سليم من كمال أدبها، فإنها مهدت لنفسها العذر قبل السؤال عما جرت عادة النساء بكتمانه حتى كأنه لا يحصل لهن، وهذا من المستحسن في