للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: أصل الأف وسخ الأظفار وكذا التف، وقيل: الوسخ والتف القلامة، وقيل: الأف وسخ الأذن والتف وسخ الأظفار، وقيل: هو النتن وكل مستقذر وكل حقير قليل، ثم استعملت في كل متضجر منه ومستثقل مما يتأذى منه الإِنسان، وفيها عند العرب عشر لغاتٍ: أفٌّ أفًّا أفِّ أفُّ أفِّ أفًا مخففًا إفْ أُفَّهْ وأُفْ بالسكون. ومعناها في الحديث التضجر من كلامها واستثقاله، وهي منونة تنوين أسماء الأفعال لأنها اسم فعل، أي: استقذارًا لما جئت به واستثقالًا لما تقولين.

وقولها: (أو ترى ذلك) استفهام إنكاري تقدمت الهمزة فيه على حرف العطف على نحو ما تقدم، أنكرت عائشة -رضي الله عنها- أن تكون المرأة ترى ذلك.

وقولها: (فالتفت إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي منكرًا عليها استنكارها لذلك (فقال: تربت يمينك) هذا اللفظ أصله يستعمل للدعاء ومعناه: لزقت يمينك بالتراب، لكن العرب صاروا يستعملونه لغير الدعاء بل للاستعظام والإِنكار لما يصدر من المخاطب به، وعلى هذا يحمل قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة كما في هذا الحديث. ومثله في الاستعمال لغير الدعاء وإن كان أصله للدعاء قولهم: "رغم أنفه" أي لزق بالرَّغام، وهو التراب كناية عن المذلة والهوان أو الخيبة والحرمان، ولكنهم أحيانًا لا يقصدون به ذلك على ما تقدم في (تربت يمينك) مع أنه - صلى الله عليه وسلم - قصد بذلك الدعاء؛ فدعاؤه على من لم يستحق الدعاء يكون كفارة ورفعة يوم القيامة كما ثبت في الحديث: "اللهم إنما أنا بشر، فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعلها له زكاة وأجرًا" أخرجه مسلم.

وقوله: (فمن أين) الفاء واقعة في جواب شرط مقدر أي: إذا كانت المرأة لا يخرج منها المني فمن أي؟ أَيْ: من أي جهة يكون الشبه أيْ شبه الولد بأمه، فالمني هو سبب شبه ولدها بها كما في الرواية الأخرى: "فمن أين يشبهها الولد" أي ولدها، فهذا إنكار منه - صلى الله عليه وسلم - على عائشة في إنكارها على أم سليم وتصديق لأم سليم فيما ذكرت من احتلام النساء كالرجال. وفي هذه الرواية أن المنكرة هي عائشة، وفي الرواية التالية أن المنكرة على أم سليم أم سلمة، كما جاء في الصحيحين من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة، وفي رواية بنت أم سلمة، وكلتاهما صحيحة فإنها بنت

<<  <  ج: ص:  >  >>