الأمر بالإغتسال وفي التي بعدها به وبالصلاة مرتبة عليه بثم، والحيضة بالكسر والحَيضة بالفتح الحيض المعتاد، وقيل: بالفتح: المرة من الحيض وبالكسر: اسم للدم أو للخرقة التي تسد بها المرأة المكان فَتَسْتثْفِرُ بها. وإقبال الحيضة يعرف بالوقت المعتاد لها كما في الرواية الأخرى:"دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين" ويعرف بتغير الدم، فإن لدم الحيض علامات، منها: أن الغالب أنه يصحبه شيء من الألم يشتد على بعض النساء، ومنها: تغير الدم في لونه عن الدم الطبيعي فإنه في الغالب أسود وربما كانت تعلوه كدرة، ومنها: قلته وكثرته حسب العادة، ومنها: نتن رائحته كما يأتي، وقد نظمها بعض فقهائنا -رحمهم الله- فقال:
باللّونِ والرّيحِ وبالتّألم ... وقلّة وكثْرةٍ ميْزُ الدم
فيتميز بهذه العلامات إقبال الحيضة وإدبارها.
وقوله:(فدعي) اتركي كما تقدم، وهو فعل هجر منه في الغالب غير المضارع، والأمر الذي هو فرعه، وسمع منه الماضي، واسم الفاعل، والغالب إستعمال الترك في غير المضارع، والأمر بدلًا منه، ومقتضى الشرط في قوله:(إذا أقبلت الحيضة) أن ما قبل الإِقبال المذكور لا تدع فيه الصلاة.
وقوله:(إذا أدبرت) الإِدبار التولي والرجوع لأن المتولي والراجع يولي الجهة التي رجع عنها كل منهما دبره، والمراد هنا انتهاء تلك الأيام المعتادة، فإن مضيها في حال الاستحاضة بمنزلة انقطاع الدم في غير وقت الإستحاضة، وأحرى في الإنقطاع إذا رأت علامة الطهر.
وقوله:(فاغسلي. . . الخ) الفاء في جواب إذا، والأمر للوجوب، والمراد بالدم دم الحيض فهو يدل على وجوب غسل الدم من الثوب، والبدن ولذلك أخرج البخاري الحديث في باب غسل الدم من كتاب الوضوء، وغيره من النجاسات مثله بجامع العلة، وبعضها بالنص عليه كالبول، والمذي عند إرادة الصلاة إذ علة الغسل في الكل واحدة، وهي النجاسة، وهذا يقوّي القول بنجاسة المني لثبوت غسله، لاسيما عند من يرى أن الأمر بغسل الإِناء من ولوغ الكلب يدل على نجاسته كما تقدم، وعدم ذكر الإغتسال إما اختصار من بعض الرواة وإما للعلم به فلا يحتاج إلى الأمر به.