حديث عائشة، وهي ليست بعلة كافية لأنه جاء مثله من رواية ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة، فهو يقوي حديث عمرة، وإن كان فيه ابن إسحاق وقد عنعنه اهـ.
وفي بقية كلام الشافعي: إنما أمرها - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل وتصلي وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، ولا أشك إن شاء الله تعالى أن غسلها كان تطوّعًا غير ما أمرت به وذلك واسع لها، والقول بأنها لا تغتسل إلا مرة واحدة مذهب الجمهور: مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم.
القول الثاني: أن الغسل واجب عليها لكل صلاة. قال ابن عبد البر: (وذهب قوم إلى أن الغسل واجب عليها لكل صلاة لأحاديث رووها في ذلك قد ذكرناها في التمهيد، قالوا: لأنه لا يأتي عليها وقت صلاة إلا وهي شاكة هل حائض أو طاهر مستحاضة؟ أو هل طهرت في ذلك الوقت بانقطاع دم الحيض أم لا؟ قال: رووا هذا عن علي وابن الزبير وابن عباس وسعيد بن جبير. قال: وقد ذكرنا الأسانيد عنهم بذلك في التمهيد. قال: وهو قول ابن عُليّة، ثم ذكر رواية الزهري لحديث أم حبيبة عن عروة عن عائشة فذكر الحديث وفيه:"فأمرها أن تغتسل لكل صلاة". قال ابن عبد البر: فإن قيل لم يرفعه إلا محمد بن إسحاق عن الزهري وأما سائر أصحاب الزهري فإنهم يقولون عنه عن عروة عن عائشة وفيها: "أمرها أن تغتسل وتصلي فكانت تغتسل لكل صلاة"؛ قِيل: لما أمرها أن تغتسل فهمتْ عنه أنها تغتسل لكل صلاة، على أن قوله:(تغتسل وتصلي) يقتضي أن لا تصلي حتى تغتسل) اهـ. ونسب ابن قدامة القول بذلك لابن عمر.
قلت: يستدرك على قوله: لا يأتي عليها وقت إلخ، بأنه غير مسلّم إذا كانت قد عرفت أيام عادتها، فإنها بنص الرسول - صلى الله عليه وسلم - غير حائض في غيرها والله أعلم.
القول الثالث: أنها تؤخر الظهر وتغتسل لها وللعصر غسلا واحدًا، وتؤخر المغرب وتغتسل لها وللعشاء غسلا واحدًا، وتجمع الصلاتين في الوقتين وتغتسل غسلًا مستقلًا لصلاة الصبح، وإليه ذهب ابن عباس وعطاء والنخعي، روى ذلك عنهم ابن سيّد الناس في شرح الترمذي. قال ابن العربي:(والحديث في ذلك صحيح فينبغي أن يكون مستحبًا) اهـ قال الشوكاني: وعلى فرض صحة الحديث فهذا جمع حسن لأنه - صلى الله عليه وسلم - علق الغسل بقوّتها، فيكون ذلك قرينة دالة على عدم