الوجوب، يعني في قوله لحمنة في حديثها الذي أخرجه أبو داود وأحمد والترمذي:"فإن قويت. . . إلخ"، وكذا قوله:"أيهما فعلت أجزأ عنك" قال ابن عبد البر: (إنه روي عن علي أيضًا، وبه قال النخعي وعبد الله بن شداد) اهـ.
قلت: ويؤيده حديث المصنف الآتي في قصة زينب بنت جحش. والعجب أن ابن حجر لم يذكره مع أنه ذكر رواية أبي داود، وهو صريح في المسألة إلا أنه مرسل، وإن كان صحيح الإِسناد لأنه من رواية القاسم بن محمد عنها، وهي مرسلة لأنه لم يدركها لأنها ماتت سنة ٢٠.
القول الرابع: أن الغسل لكل صلاة خاصُّ بالتي لا تعرف عادتها ولا تميّز دم الحيض من الاستحاضة، فهذه يجب عليها الغسل لكل صلاة. قال ابن قدامة: -رحمه الله-: (قال الشافعي: في الناسية لهما -يعني عدد الأيام ووقت حيضها- لا حيض لها وجميع زمانها مشكوك فيه، تغتسل لكل صلاة وتصلي وتصوم ولا يأتيها زوجها) اهـ. قال الخطابي:(في حديث أبي داود من رواية أبي سلمة وفيه أمرها أن تغتسل عند كل صلاة، هذا الحديث مختصر ليس فيه ذكر حال هذه المرأة) - إلى أن قال:(وإنما هو فيمن تبتلى وهي لا تُميّز دمها أو كان لها أيام فنسيتها، فهي لا تعرف موضعها ولا عددها ولا وقت انقطاع الدم عنها من أيامها المتقدّمة، فإذا كانت كذلك فإنها لا تدع شيئًا من الصلاة، وكان عليها أن تغتسل لكل صلاة لأنه قد يمكن أن يكون ذلك الوقت صادف زمان انقطاع دمها، فالغسل عليها عند ذلك واجب) اهـ.
القول الخامس: أنها تغتسل كل يوم مرة في أي وقت شاءت من النهار. قال ابن عبد البر: رواه معقل بن يسار عن علي.
قلت: ولو قيل إن الغسل لكل صلاة مستحب غير واجب لكان ذلك وجهًا حسنًا لما فيه من الجمع بين الأدلة، ولكن لم أر من قال به إلا ما ذكره ابن قدامة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي". قال ابن قدامة -رحمه الله-: (وهذا يدل على أن الغسل المأمور به في سائر الأحاديث يعني به الغسل لكل صلاة مستحب غير واجب، والغسل لكل صلاة أفضل لما فيه من الخروج من الخلاف والأخذ بالثقة والاحتياط، وهو أشد ما قيل ويليه في المشقة والفضل الجمع لكل صلاتين بغسل واحد) اهـ. المراد منه. وما نقل