بذلك. وهذا قول أحمد الذي اختاره، وهذا على سبيل الاستحسان. وأما القولان الأولان فهما مبنيان على الخلاف: هل الاستحاضة مانعة كالحيض في الأصل ووردت الرخصة في الصلاة زمنها، أو هي خارجة عن حكم دم الحيض والمرأة طاهر في زمنها فتجري على حال الطهارة؟ وهذا أقوى لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنها ليست بالحيضة) فهذا صريح في الفرق بينهما والله أعلم.
فائدة أخرى:
اختلف العلماء في أقل الحيض وأكثره وأقل الطهر بين الحيضتين، فقال مالك: لا حد لأقله ولو دفعة واحدة، إلا أنه لا يعتد بالدفعة في حيض العدة. وقال الشافعي: أقله يوم وليلة وهو قول أحمد وعطاء بن أبي رباح وأبي ثور، وقال الأوزاعي والطبري: أقله يوم، وقالوا كلهم أكثره خمسة عشر يومًا، وعن أحمد رواية سبعة عشر يومًا، وقال أبو حنيفة: أقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة، وكذا قال أصحابه، وهذه المسألة لا نص فيها يقطع النزاع، ومعرفتها من حيث العادة وهي لا تتفق فترد إلى الغالب. وكذلك اختلفوا في أقل الطهر بين الحيضتين، فأكثره عند الجمهور الشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما وهو المشهور من مذهب مالك وقول أصحابه البغداديين: خمسة عشر يومًا، وفي قول عنه أي عن مالك عشرة، وقيل: ثمانية، وعن أحمد: ثلاثة عشر يومًا، وقيل: خمسة عشر لأنه رد ذلك إلى أكثر الحيض وعنده في أكثر الحيض قولان، وهو يرى أن المرأة تحيض في كل شهر فهذا كان أكثر الحيض سبعة عشر يومًا؛ كان أكثر الطهر ثلاثة عشر التي هي بقية الشهر، وإذا كان أكثر الحيض خمسة عشر يومًا؛ كان أكثر الطهر كذلك، وربما نزعَ بذلك من قوله:"وتمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي".
تنبيه:
النساء اللاتي ذكر أنهن استحضن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة، المشهور المعروف: فاطمة بنت قيس وحمنة وأم حبيبة بنتا جحش وسهلة بنت سهيل، وأما البواقي فالرواية في استحاضة أكثرهن ضعيفة لاسيما أمهات المؤمنين منهن، وهن: زينب بنت جحش وسودة وزينب بنت أبي سلمة وأسماء بنت مرثد وبادنة بنت غيلان بن سلمة الثقفية. وقد نظم السيوطي -رحمه الله-