للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يكون ملبدا ملتفًا، لا يصل الماء إلى أصوله إلا بنقضه فيجب حينئذٍ نقضه) اهـ. ومذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة: أنه لا يجب نقض الشعر المضفور في جنابة ولا حيض إلا أن يكون الماء لا يصل إلى أصوله، فإن كان لا تبتل أصوله وجب نقضه. وقال أحمد: يجب نقضه في الحيض دون الجنابة لظاهر حديث عائشة الآتي، ويجاب عنه بأن حديث عائشة في غسل الإِحرام وهو للنظافة، والكلام إنما هو في غسل الطهارة الواجب، وأيضًا يحتمل أن عائشة كانت قد تضررت لطول المدة ولا يبعد أن تكون قد لبدت رأسها، والله أعلم.

وذهب النخعي إلى وجوب نقضه في الجنابة والحيض، وهو مروي عن طاوس والحسن، وللحنفية قول بوجوبه على الرجال دون النساء.

قال ابن قدامة -رحمه الله- بعد أن ذكر قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة في عمرتها كما في الحديث الآتي: (انقضي رأسك) كما في رواية البخاري ولابن ماجه (انقضي شعر رأسك)، مستدلًا بذلك على قول أحمد -رحمه الله-: (ولأن الأصل نقض الشعر ليتحقق وصول الماء إلى ما يجب غسله، فعفي عنه في غسل الجنابة لأنه يكثر فيشق ذلك فيه، والحيض بخلافه فبقي على مقتضى الأصل في الوجوب) اهـ.

قلت: وقد يجاب عن هذا بأن كونه -أي غسل الجنابة- أكثر في حق البعض، وإلا فقد يكون غسل الحيض أكثر بالنسبة لغير ذوات الأزواج، قال: (وقال بعض أصحابنا: هذا مستحب غير واجب، وهو قول أكثر الفقهاء وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأن في بعض ألفاظ حديث أم سلمة أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للحيض والجنابة؟ قال: "لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين على جسدك الماء فتطهرين" رواه مسلم، وهذه زيادة يجب قبولها وهو صريح في نفي الوجوب) اهـ.

ومثله قوله لأسماء: "ثم تصب على رأسها الماء فتدلكه دلكا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تصب عليها الماء" كما في مسلم، قال ابن قدامة -رحمه الله- بعد ذكره لهذا: (ولو كان النقض واجبا لذكره لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولأنه موضع من البدن فاستوى فيه الحيض والجنابة كسائر البدن) اهـ.

قلت: فتبيّن بهذا أن الذي يترجح من الأدلة عدم وجوب النقض، والقول باستحبابه وجيه قوي لما فيه من الجمع بين ظواهر الأحاديث، إلا أنه يستثنى

<<  <  ج: ص:  >  >>