وأشهد من عوف حلولًا كثيرة ... يحجون سب الزبرقان المزعفرا
وقولها: (الوداع) اسم للتوديع وهو بالفتح، ويروى بالكسر من: ودعه توديعًا، وهو مروي في صحيح البخاري بالوجهين: فتح الواو وكسرها في حجة الوداع، وأصله عند أهل اللغة: تخليف المسافر للناس وادعين، ويودعونه إذا سافر تفاؤلًا بالدعة التي يصير إليها عند القفول فيتركونه وسفره. قال الأعشى واسمه ميمون:
ودع هريرة إن الركب مرتحل ... وهل تطيق وداعًا أيها الرجل
وقال القطامي:
قفي قبل التفرق يا ضباعا ... ولا يك موقف منك الوداعا
وقال لبيد - رضي الله عنه - يرثي أخاه:
فودع بالسلام أبا حريز ... وقل وداع أربد بالسلام
وودعه: تركه، قال جرير بن الخطفي:
ثواني أجياد يودعن من صحا ... ومن بثه عن حاجة اللهو شاغله
وحجة الوداع: هي حجة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي في السنة العاشرة من الهجرة، وهي حجة فرضه ولم يحج بعد الهجرة غيرها، قيل لها ذلك لأنه ودع المسلمين في خطبته التي ستأتي في الحج إن شاء الله تعالى، ويقال لها: حجة البلاغ لأنه سألهم فيها: هل بلغهم؟ فقالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد.
وقولها: (عام حجة الوداع) منصوب على الظرفية بخرجنا، وقولها: (أهللت بالعمرة) تعني نويتها وأحرمت بها، وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه إن شاء الله. وأصل الإِهلال: رفع الصوت، ومنه استهلال الصبي، وقيل للدخول في النسك إهلالًا لأن عادتهم يرفعون أصواتهم بالتلبية، قال كثير:
فقد حلفت جهدًا بما نحرت له ... قريش غداة المأزمين وصلت
أناديك ما حج الحجيج وكبرت ... بفيفا غزال رفقة وأهلت
ولهذا قيل للشهر هلال لأنهم يرفعون أصواتهم عند رؤيته.
وقولها: (بعمرة) أصل العمرة الزيارة كالحج وسيأتي ذلك إن شاء الله.
وقولها: (فقدمت مكة وأنا حائض) سيأتي أنها حاضت بسرف قريب من