أي حين يشق جلده العرق، ومنه: فرصة النهر؛ لمقطعه الذي يقطع منه الناس، والفرصة بالكسر: القطعة من الصوف أو القطن أو خرقة تمسح بها المرأة من الحيض، والمراد بها قطعة من قطن أو صوف. والفرصة بالضم: النوبة من البئر وغيره، ويقال بالسين لغة.
وقوله:(من مسك) ظاهره أن المراد قطعة من مسك، وليس كذلك ولكن المواد ما تقدّم من قطعة قطن ونحوه يجعل فيها المسك، فهي على حد قولهم: إناء من ماء أي فيه ماء، كما دلت عليه الرواية الأخرى: فرصة ممسكة.
وقوله:(من مسك)، المسك: نوع من الطيب معروف ولا خصوصية له، بل سائر الطيب يجري مجراه؛ لأن قوله:(فتطهّري) دليل على العلة وهي طلب المبالغة في النظافة وإزالة الرائحة، وذلك يحصل بكل نوع من الطيب، نعم لو قيل إنه أفضل لكان وجيهًا للنص عليه في الحديث. وأصله من دم نوع من الغزال يسمى بهذا الاسم في بلاد التبت على ما قيل: قال الشاعر وهو المتنبي:
فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزالِ
وقوله:(فتطهّري بها) معنى التطهر هنا تنظيف المحل من أثر الرائحة الكريهة، والمراد: تَمسَّحي بها في محل الدم، ولما لم تفهم المراد استفسرته، ولهذا قالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء من التفقه في الدين.
وقولها:(كيف أتطهّر بها) مقول القول جملة (كيف أتطهّر)، و (كيف) في محل نصب بأتطّهر لا بقالت، لأن مفعول القول لا يكون إلا جملة، وهي اسم استفهام لا يعمل فيها ما قبلها، فهي إما مبتدأ والجملة خبرها، أو هي حالية. وتقدّم أنها في مثل هذا الأَولى فيها الحالية.
وقولها:(فاستتر) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - لشدة حيائه، فقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها.
وقوله:(سبحان الله) تعجبًا من عدم فهمها لكلامه، والفاء في قولها:(فاستتر) سببية.
وقول عائشة -رضي الله عنها-: (فجذبت) أي أخذتها بشدة، يقال منه: جبذ وجذب، والمعنى: أنها أخذت بثوبها أو ببعض بدنها، فأمالتها إليها لتفهمها حتى لا