وقولها:(تتبعي بها أثر الدم) تفسير لمراد النبي - صلى الله عليه وسلم -، قيل: المراد به محله من الفرج، وهذا هو الظاهر بل هو متعين، وقيل: ما أصابه الدم من بدنها، وهو بعيد ولو كان ذلك المراد لما كان لحيائه - صلى الله عليه وسلم - وجه.
• الأحكام والفوائد
الحديث: دل على استحباب استعمال المرأة لشيءٍ من الطيب بعد الحيض والظاهر إلحاق النفاس به، تجعله على قطنة أو صوفة أو خرقة ونحو ذلك ثم تدخلها في محل خروج الدم فتمسحه بها، وذلك بعد الغسل كما هو ظاهر هذه الرواية لقولها: ثم قال لها بعد قولها. فأخبرها كيف تغتسل، ثم قال: خذي، فإنه ظاهر في أن الأخذ يكون بعد الغسل، أي أخذها للفرصة المذكورة والتطهّر بها يكون بعد الغسل، وقال بعضهم: يكون قبل الغسل وهو خلاف الظاهر كما تقدم. وفيه: سؤال المرأة الأجنبية وسماع العالم لكلامها إذا أمنت الفتنة وقد تقدّم، له نظائر كثيرة، وفيه: جواز تفسير قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من العلماء أولى وتوضيحه لمن لم يفهمه ولو كان بحضرته، وفيه أيضًا: سؤالها عما جرت العادة بالحياء منه، وتقدّم حديث أم سليم في ذلك وقد يجب عليها السؤال عنه إذا لم تجد من يسأل لها , وليس في ذلك منافاة للأدب، وفيه: تعليم العالم النساء أحكام الطهارة وغيرها واستعمال الأدب والكناية عما يستقبح ذكره، وكل هذا قد تقدّم له نظير أو نظائر، وفيه: أن الكناية المفهومة تقوم مقام التصريح، غير أنه إذا أحوج الأمر إلى التصريح كما في قوله للرجل الذي اعترف بالزنا:"لعلك قبلت أو لمست"، فلما أصر على الإعتراف قال:"أنكتها, لا يكنّي"، وفيه: حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - وشدة حيائه وفيه: عدم ترك السؤال حياء، فإن الحياء وإن كان محمودًا لكنه إذا أدى إلى ترك التعليم والعمل على الجهل صار مذمومًا، وقد قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} فوجب السؤال عما يجهله المرء عند الحاجة إليه ولو أدى إلى ترك الحياء. وفيه: التسبيح عند التعجّب وكذا التكبير والتهليل وسائر أنواع الذكر، وفيه: تكرير الجواب إذا لم يفهم السائل، وفيه: تعليم من بحضرة العالم للسائل أو المتعلم إذا لم يفهم السائل أو المتعلّم مراده، لكن بشرط أن لا يخل بالأدب ولا يكون على وجه المجاذبة للكلام،