للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آخر ذلك، فهذا وجه محتمل والوجه الثاني: وهو ظاهر قولها: (وضوءه للصلاة) أنه كمل أعضاء الوضوء لكنه أعاد غسل الرجلين، وحينئذ تصير هذه الرواية فيها مخالفة لسائر الروايات التي دلت على تأخير الرجلين، ويتجه حينئذ القول بأنه إما فعل هذا مرة وهذا مرة أخرى لبيان الجواز، ويبقى النظر في التصريح بكونه غسل رجليه آخر الأمر، فظاهره أنه غسل الرجلين مرتين أو يقال: إنه كان يقدم غسلهما في المكان النظيف ويؤخره في غيره حتى لا يغسلهما مرتين، وربما كان هذا أقرب لما عُرف من حال كراهته للإسراف والمبالغة في الأمور، والروايات الصحيحة صريحة في تأخيرهما في بعض الأحيان كما في البخاري وغيره. وستأتي رواية المصنف عنها ٤١٤ وفيها: توضأ وضوءه للصلاة غير رجليه، وفيها: هذه غسلة الجنابة.

وقولها: (سائر جسده)، السائر: بقية الشيء، ومنه السؤر في الشراب والأكل، وأسأر من الشيء: إذا أبقى منه، ومنه قول الشاعر يصف ليلة تولى ظلامها وأقبل ضياء فجرها فانسلخ الليل إلا بقية ظلمته:

كأن شميط الصبح في أخرياتها ... ملاء ينقي من طيالسة خضر

تخال بقاياه التي أسأر الدجى ... تمدو شيعًا فوق أردية الفجر

وقولها: (تنحَّى) أي عن محل الغسل قليلًا فغسل رجليه، فهو كما تقدم إما أعاد غسلهما وإما أخره، والكل جائز كما قدمناه.

• الأحكام والفوائد

الحديث: يدل على خدمة المرأة للزوج في هذا ونحوه، وإن كان ذلك عند الأكثرين على سبيل المكارمة وحسن العشرة وليس بواجب عليها شرعًا، وتقدّم نظير هذا من الخدمة عن عائشة وغيرها، وفيه: الإستعانة على الطهارة بتقديم الماء وتهيئته وكذا بصبه، وقد تقدّم كل ذلك في الوضوء عن المغيرة وحذيفة وغيرهما من الصحابة، وفيه: بيان كيفية الغسل من الجنابة وإن كانت هذه الكيفية ليست شرطًا فيه، وفيه: إستحباب تقديم الوضوء في غسل الجنابة وإن كانت هذه الكيفية ليست شرطًا كما قدمنا، لأن الله قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ولم يقيد بهيئة مخصوصة وقد تقدم ذلك، وفيه: غسل الرجلين عند

الإنتهاء من الغسل على ما تقدم من كونه معادًا أو غير معاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>