أبلغ النعمان عني مألكا ... أنه قد طال حبسي وانتظاري
ويقال: ألكني أي أرسلني، قال الشاعر:
ألكني إليها وخير رسول ... أعلمهم بنواحي الخبر
فعلى هذا يكون أصله: مألك، الهمزة فاء الكلمة ثم صار فيه قلب مكاني فقدمت اللام على الهمزة، فصارت الهمزة محل العين فقالوا: ملأك. ثم نقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها تخفيفًا، فلما سهلوها قالوا: ملك. وقيل: الهمزة فيه زائدة وأصله ملك، فزيدت فيه الهمزة كما زيدت في شمل فقالوا فيه: شمأل. ذكره القرطبي عن ابن كيسان، وقد تأتي في الشعر على الأصل، قال الشاعر:
فلست بإنسي ولكن لملأك ... تنزل من جو السماء يصوب
ثم حكى عن النضر بن شميل أنه لا اشتقاق له عند العرب. وعلى ما تقدم من أن الهمزة هي الأصل حذفت بعد نقل حركتيها تخفيفًا، فيكون وجودها في الجمع لزوال السبب الذي نقلت من أجله وهو السكون والهاء: إما لتأكيد تأنيث الجمع كما في قولهم: صلادمة للخيل الشديد جمع صلدم، أو هي للمبالغة كما في قولهم: علامة ونسابة.
والملائكة أرواح نورانية لا يعلم عددهم إلا الله ويتشكلون بالأشكال الحسنة، منهم حفظة لأعمال العبد وحفظة لنفس العبد من الشر والشياطين وهم المعقبات قال تعالى:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}، والمنفي دخولهم: منهم. قيل: عمومًا وهو ظاهر الحديث وقيل: ملائكة الرحمة، قال الخطابي في معالم السنن: يريد الملائكة الذين ينزلون بالبركة والرحمة، دون الحفظة فإنهم لا يفارقون الجنب ولا غير الجنب، وقد قيل: إنه ليس المراد بالجنب هاهنا من أصابته جنابة فأخر الإغتسال إلى حضور الصلاة؛ ولكنه الذي يجنب فلا يغتسل ويتهاون به ويتخذه عادة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كان يطوف على نسائه بغسل واحد وفي هذا تأخير الإغتسال عن أول وجوبه، وقالت عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء. اهـ.
قلت: وعلى القول بالعموم؛ فلا يمتنع أن الله يطلعهم على حال العبد ولو كانوا خارجين عن المحل، أعني الحفظة.