يمس القرآن إلا طاهر، وبقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)}. وقد اعترض على الآية بأن المراد بها اللوح المحفوظ وأن المطهرون هم الملائكة الكرام، ولهذا قال:{لَا يَمَسُّهُ} بضم السين ولو أراد النهي لفتحت السين، ولأن المطهرون تدل على أن المراد الملائكة ولو أريد الطهارة من الحدث لقيل: المتطهرون وَرُدَّ بأن قوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٠)} يدل على أنه القرآن المنزل وهو المصحف، ودعوى أنه لو أريدت الطهارة لقيل: المتطهرون؛ غير مسلم لصحة إطلاق المطهر والمتطهر على غير المحدث، ودعوى وجوب فتح السين غير مسلَّم أيضًا، لأن الفعل المضارع قد يرد بمعنى الأمر ولا يجزم، كما في رواية البخاري:"لا يبيع بعضكم" بإثبات الياء وقراءة من قرأ {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ} بالرفع. وذهب داود إلى أنه يجوز للجنب مس المصحف، واستدل بحديث كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لهرقل وهو جنب وفي الكتاب شيء من القرآن: يا أهل الكتاب تعالوا إلخ، وباتفاق الناس على حمل الصبيان للألواح وفيها القرآن، وبأنه بالنسبة للمحدث حدثًا أصغر إذا لم تحرم عليه القراءة فالمس أولى. واستثنى المالكية: المعلم والمتعلم في غير المصحف الكامل ومنع ذلك الباقون إلا في الألواح، وأجابوا عن كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الذي فيه قليل للضرورة وكذا حمل الألواح، ولم يرخص غير المالكية للمتعلم والمعلم إلا في اللَّوح، غير أن الحنفية والحنابلة جوّزوا حمله للمحدث بعلاقته أو غلافه المنفصل أو مع المتاع وهو داخل فيه، وقراءته من غير مس له، ومحل المنع ما لم يخف عليه التلف أو يراه في قذر أو محل فيه إهانة له. ويتفرع عن هذا الكلام على تعليقه ونقش بعض كلماته وله محل غير هذا -إن شاء الله. وقول علي: لم يكن يحجبه. . . إلخ؛ يستثنى منه ساعة التلبس بقضاء الحاجة ونحوها، والله أعلم.