للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن. وأخرجه أبو داود أيضًا إلا أن في إسناده إسماعيل بن عياش وروايته عن غير الشاميين ضعيفة، وبحديث علي عند الدارقطني: اقرؤا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة، فإن أصابته جنابة فلا ولا حرفًا واحدًا. وفي المسألة أحاديث أخر ولا تسلم من كلام لكن بعضها يقوي بعضًا، وحديث عائشة المذكور أعم من موضوع النزاع فلا يصلح دليلًا في المسألة.

قال الخطابي -رحمه الله-: (في الحديث من الفقه أن الجنب لا يقرأ القرآن، وكذا الحائض لا تقرأ لأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة، وقال مالك في الجنب: يقرأ الآية ونحوها، وقد حكي عنه أنه قال: تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب لأن الحائض إن لم تقرأ نسيت القرآن، لأن أيام الحيض تتطاول ومدة الجنابة لا تطول. وروي عن ابن المسيب وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأسًا بقراءة الجنب القرآن، وأكثر العلماء على تحريمه) اهـ.

قلت: وقد علل أصحاب مالك القول بجواز القراءة للحائض دون الجنب بعلة أخرى، وهي كون رفع الحدث ليس بيدها بخلاف الجنب، وقد ذكر ابن دقيق العيد -رحمه الله- في شرح قول عائشة -رضي الله عنها- الثابت في الصحيح: "كان يتكئ في حجري فيقرأ القرآن وأنا حائض": فيه إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ لأن قولها: "فيقرأ القرآن" إنما يحسن التنصيص عليه إذا كان ثمت ما يوهم منعه، ولو كانت قراءة القرآن جائزة للحائض لكان هذا الوهم منتفيًا، وقال الصنعاني: ومشهور مذهب مالك الجواز لضعف أدلة المنع، والأصل: الجواز. اهـ.

تنبيه:

أما مس القرآن للجنب والمحدث حدثًا أصغر فإن الجمهور من العلماء على منعه ولو بحائل أو بعود أو علاقة، واستدلوا بأحاديث غالبها لا يسلم من كلام ولكن مجموعها يقوي بعضها بعضًا، وفيه آثار عن السلف. فمن الأحاديث: حديث ابن عمر عند الدارقطني من طريق سالم عن أبيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمس القرآن إلا طاهر". وحديث حكيم عنده أيضًا من طريق حسان بن بلال عن حكيم وفيه: "لا تمس القرآن إلا وأنت على طهر"، وحديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده في كتابه المشهور: لا

<<  <  ج: ص:  >  >>