قوله:(إذا استيقظ)، تقدم أن لفظة (إذا) تكون في العربية لمعنيين؛ أحدهما: أن تكون للفجاءة فتختص بالجمل الاسمية، والثاني: أن تكون ظرفًا زمانيًا يدل على الاستقبال مضمّنًا معنى الشرط، فيختص بالجمل الفعلية ويفتقر إلى الجواب لكنه لا يجزم، وسمع الجزم به في الشعر خاصة، كما قال الشاعر:
استغن ما أغناك ربك بالغنى ... وإذا تصبك خصاصة فتحَمّل
فجزم بها. ولاختصاصها بالجمل الفعلية أشار ابن مالك -رحمه الله- في الألفية بقوله:
وألزموا إذا إضافة إلى ... جمل الأفعال كهن إذا اعتلى
والعامل فيها عند الأكثرين جوابها، والجملة بعدها في محل جرِّ بها. وإذا وليها اسم، وجب تقدير الفعل بعدها قبل الاسم، كما في قوله:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} ونحو ذلك ومنه قول السموأل بن عاديا:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ... فكل رداء يرتديه جميل
وقول الآخر وهو منسوب لعمرو بن العاص - رضي الله عنه -:
إذا المرء لم يترك طعامًا يحبّه ... ولم ينه قلبًا غاويًا حيث يمّما
قضى وطرًا منه وغادر سبَّة ... إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما
الفعل بعدها مُفسرٌ للمحذوف كما هو معروف في علم النحو، وقد تقدم الكلام عليها مستوفى في شرح الآية. وقوله:(استيقظ) من اليقظة -محركة- ضد النوم، بمعنى التيقظ: وهو الانتباه وعدم الغفلة، والسين والتاء فيه زائدتان، ليستا على أصلهما في الدلالة على الطلب، كما في قوله: فاستجاب بمعنى أجاب، و {اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} بمعنى أقاموا عليها، ومنه قول الحواريين:{هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} فسّره بعضهم بأن معناه هل يطيع ربك. واستيقظه وأيقظه: أقامه من نومه، قال أبو حية النميري:
إذا استيقظته شم بطنًا كأنه ... بمعبوءة وافا بها الهند رادع
أي: أيقظته، واستيقظ العلي: إذا صوت، ونام: إذا لم يتحرك، قال طريح الشاعر: