للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شك عند من أنصف أنه أقرب إلى النجاسة من الطهارة، وقول عائشة لهمام: إنما كان يجزئك إن رأيته أن تغسل مكانه، فإن لم تر نضحت حوله.

وقول عمر لعمرو لما رآه مشتغلًا بغسل المني من ثوبه وقد أخر صلاة الفجر فقال له عمرو: أصبحت وفي الركب ثياب فلو تركت ثوبك يغسل وصليت بغيره فقال له: عجبًا لك يا عمرو لو فعلتها لكانت سنة بل أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أر؛ لا وجه لحمله على الإستقذار، ولو كان يعلم أن هناك رخصة لما أخر الصلاة لغسله، ولم يثبت نفي الغسل مع الفرك حتى يكون معارضًا لما ذكرنا. والحديث السابق وفيه قولها: إذا لم ير فيه أذى؛ تقدم أنه دليل على عدم جواز الصلاة مع وجوده.

أما الوجه الثاني من الوجهين المحتملين في الإزالة: وهو حملها على النظافة واستقذار المني من غير نجاسته، فليس في شيء من هذه الروايات ما يدل عليه أو يرجحه غير ما تقدم من حمل الحك والفرك عليه، وقد تقدم ما في ذلك من البعد على الفرض والتسليم أن الحك والفرك لم يكن معهما غسل، فمن الجائز إن لم يكن هو الظاهر أن يكون ذلك على سبيل الرخصة في التطهير لكثرة وقوعه بالإنسان، ولهذا ذهب بعض الفقهاء الذين يقولون بنجاسته إلى الترخيص في تطهير يابسه، فيطهره الحك والفرك عنده على ما تقدم عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-.

أما التعليل بكونه أصل الإنسان والإنسان طاهر: فهو في غاية السقوط، لأنّ كونه منيًا بين حالتين كل منهما يكون فيها نجسًا باتفاق، وهو كونه دمًا قبل أن يصير منيًا بالشهوة وبعد الشهوة ووقوعه منيًا في الرحم يصير بعده علقة وهي الدم الجامد، ولا خلاف في نجاسة ذلك الدم في الحالتين قبل كونه منيًا وبعد صيرورته علقة. والإحتجاج بكون الأصل الطهارة مدفوع بوجهين أولًا: عدم تسليم ذلك في المني لأنّ أصله الدم، وثانيًا: ورود الشرع بالإزالة عند قصد الصلاة بأنواع الإزالة من غسل وحك وفرك بعد تسليم أنه لم يكن معهما غسل، هذا لا يكون إلا وهو مناف لصحة الصلاة به. وتقدم أن ذلك يستلزم كونه نجسًا لعدم مبرر لمنع الصلاة فيه إلا ذلك كما تقدم.

ولهذا قال محمَّد بن علي الشوكاني -رحمه الله-: والصواب أن المني نجس

<<  <  ج: ص:  >  >>