للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورواية عن أحمد وبه قال داود وإسحاق بن راهويه، وهي مع كون أكثرها لم يصرح فيه بنفي الغسل مع الفرك كلها تدل على الإزالة وعدم جواز الصلاة به، ومن أمعن النظر في هذه الأدلة علم أن الثابت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - والصحابة إزالته بغسل وهو أصح أو بالحك والفرك على تسليم أن ذلك بدون غسل، ولا نص على ترك الغسل، والإحتمال قوي لتتفق روايات الغسل مع روايات الحك، ومن أقوى الأدلة على ذلك حديث الباب وفعل عمر الثابت عنه كما تقدم، وليس هناك دليل على طهارته إلا الحك والفرك كما تقدم، وهما من نوع الإزالة على فرض أنهما حصلا بدون غسل زائد عليهما، والإزالة بهما محتملة لقصد التطهير بهما على سبيل الرخصة، ولهذا ذهب الإِمام أبو حنيفة إلى أن تطهيره يابسًا بالحك رخصة، مع قوله بنجاسته فهو بمثابة الرخصة في الخف وذيل المرأة ونحو ذلك. واحتمال الغسل معهما موجود كما تقدم، ودعوى أن العطف بالفاء يدل على أن الصلاة والفرك ليس بينهما غسل؛ مردود كما قال العيني -رحمه الله-: (من أن العطف بالفاء لا يمنع تخليل شيء بين المعطوف والمعطوف عليه، كقولهم: تزوج فلان فلانة فولدت أولادًا، مع احتمال أن

الفاء بمعنى ثم فيدل على التراخي كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} فسوّى بين أطواره المتساوية في الزمن بالعطف أحيانًا بثم وأحيانا بالفاء) اهـ.

فدل هذا: على أن الفاء وثم قد يستعمل أحدهما بدل الآخر، وذلك يبطل التعلق بأن العطف بالفاء يدل على عدم الغسل.

وإذا كان الثابت إزالته بقي النظر في وجه تلك الإزالة وعلتها: هل هي النجاسة؟ ويرجحه المواظبة عليها بالغسل والحك والفرك، وكونه لم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى به قط في ثوبه، وغسله له وتأخيره الصلاة من أجل ذلك مع عدم وجود نص فيه التصريح بالطهارة؛ هذا كله يدل على عدم جواز الصلاة به، وتقدم أنه لا وجه يمنع الصلاة بالثوب المباح إلا النجاسة، ولو هناك وجه لجواز الصلاة به لبيّنه - صلى الله عليه وسلم - لما عرف من حرصه على التيسير على الأمة، واحتمال النجاسة في المواظبة على الإزالة والإمتناع من الصلاة مع وجوده لا

<<  <  ج: ص:  >  >>