حديثها أيضًا في الفرك عند الجماعة إلا البخاري، وقد أشار إليه في الترجمة ولفظه:"كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيذهب فيصلي فيه"، ولفظ الترمذي:"ربما فركته من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصبعي"، وفي رواية:"إني لأحكه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بظفري"، وللدارقطني والبيهقي وابن حبان:"أنها كانت تحتُّ المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي"، وفي رواية لابن خزيمة عن عائشة:"أنها كانت تسلت المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرق الأذخر ثم يصلي فيه، وتحكّه من ثوبه يابسًا ثم يصلي فيه".
وفي رواية لمسلم عن عائشة:"لقد رأيتني وإني لأحكّه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسًا بظفري"، وفي الترمذي وصححه من حديث همام بن الحارث:"أن عائشة أنكرت على ضيفها غسله الثوب فقالت: لم أفسد علينا ثوبنا؟ إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه فربما فركته بأصابعي"، في رواية:"أنه لما غسل الثوب قالت: كان يجزئك إن رأيته أن تغسل مكانه فإن لم تر نضحت حوله" وذكر العيني أن الطحاوي أخرجه من أربع عشرة طريقًا، والضيف هو همام نفسه.
وأخرج مالك وغيره من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، فذكر قصة احتلام عمر في سفره للعمرة وأنه أخّر الصلاة فقال له عمرو بن العاص:"إنه يدع ثوبه يغسل ويصلي في غيره من ثياب الركب إلى إن قال: بل أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أر"، وفيه أيضًا قصة صلاة عمر الصبح بالمدينة وخروجه إلى أرضه بالجرف فرأى أثر احتلام، فقال: ما أراني إلا قد أجنبت وما دريت وصليت وما اغتسلت، قال: فاغتسل وغسل ما رأى في ثوبه ونضح ما لم ير. فهذه الأحاديث منها ما يدل على وجوب الغسل وهو الأكثر، ومنها ما هو محتمل له مع الفرك ولتركه، ومن العجب في هذه المسألة أن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- يقدح في الإستدلال على النجاسة بالغسل لأنه من فعل عائشة، ويستدل بالفرك والحك على الطهارة وهما فعل عائشة، فسبحان من حبب إلى النفوس الميل إلى ما ترى أو ما سبق إليها.
فهذه الآثار في الحك والفرك عمدة القائلين بالطهارة وهم الشافعي