للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول مسلم المصطلقي:

لا تأمن وإن أمسيت في حرم ... حتى تلاقي ما يمني لك الماني

فالخير والشر مقرونان في قرن ... بكل ذلك يأتيك الجديدان

فكل صاحب يومًا يفارقه ... وكل زاد وإن أبقيته فان

ويسمى المني جنابة: لأنه سببها في الأصل وهو غالب أسبابها. (والبقع) هو أثر الماء، جمع بقعة وهي الأثر في الشيء المتخلل لغيره، والمراد هنا أثر الماء في الثوب متفرقًا على حسب إصابة المني للثوب، فالبقعة المحل الذي ابتل بالماء من أجل غسل المني منه، وقولها: (فيخرج إلى الصلاة) أي بذلك الثوب بعد غسله، ففيه أنه لا يصلى به وفيه المني وأن غسله من أجل المني، وذلك كما تقدم حجة لمن قال بنجاسة المني.

• الأحكام والفوائد

الحديث استدل به القائلون بنجاسة المني وهم مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي ورواية عن أحمد -رحمة الله علينا وعلى الكل- لأن الغسل في مثل هذا لا يكون إلا للنجاسة، ودعوى أنه للاستقذار فيه بُعد لاسيما عند من يرى غسل اليدين عند القيام من النوم بعلة الشك في طهارتهما، ويرى الأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب دليل على نجاسته مع عدم التصريح بالنجاسة في شيء من ذلك. والأصل الطهارة حتى يدل الدليل على خلافها، وقد اتفقوا على أن الأمر بغسل دم الحيض دليل على النجاسة، وصب الماء على البول دليل على نجاسته، والحال في الكل واحد من عدم ورود لفظ يصرح فيه بالنجاسة، وأشباه هذا من الأمور التي اعتمدوا الغسل فيها دليلًا على النجاسة، وقولها: (فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء لفي ثوبه) مما يقوي ذلك، فإن خروج الإنسان في هذه الحال بثوبه فيه بلل الماء ونحوه؛ لا يفعله في الغالب إلا بنوع من الإضطرار، فلو كان المني غير نجس مناف للصلاة لما احتاج إلى ذلك، وإزالته في غير هذه الحالة بعد الصلاة ممكنة. وهذه المسألة مما اختلف فيه العلماء قديمًا وحديثًا، وكثر فيها الإستدلال والقيل والقال وانتشر بينهم فيها النزاع والجدال، وقد ورد فيها حديث عائشة في غسله وهو متفق على صحته أخرجه أهل الكتب الستة وغيرهم ممن تقدم ذكرهم، وثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>