للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: وذكر ابن حجر زيادة على ما ذكره ابن عبد البر أن الليث وعمرو بن الحارث ويونس كلهم رووه عن الزهري، كذلك قال ابن عبد البر، وابن جريج رواه كذلك وعبد الرزاق عن ابن عيينة وابن جريج وابن أبي شيبة عن ابن عيينة عن الزهري بإسناده وفيه: "دعا بماء فرشه ولم يغسله"، وقال فيه معمر: "فنضحه" ولم يزد. قال: وهذان الحديثان معناهما واحد وهو صب الماء على البول، لأنّ قوله في حديث هشام "فأتبعه إياه"، وقوله في حديث ابن شهاب: "فنضحه" سواء. والنضح في هذا الموضع: صب الماء وهو معروف في كلام العرب، وفي الحديث: "إني لأعرف قرية ينضح البحر بناحيتها -أو قال: بحائطها أو سورها- لو جاءهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر". وقد يكون النضح أيضًا في اللسان العربي: الرش، هذا وذاك معروفان. ففي هذين الحديثين ما يدل على صب الماء على بول الصبي من غير عرك ولا فرك، وقد يسمى الصب غسلًا بدليل قول العرب: غَسَّلَتني السماء اهـ.

وهذا يدل على أن صب الماء على النجاسة بعرك أو بدون عرك تطهير لها كما تقدم في بول الأعرابي، لكن ينبغي أن يقيد بالنجاسة الخفيفة التي لا تتوقف إزالتها على العرك والحك كالدم ونحوه. ومما يدل على تسمية الغسل نضحًا حديث المقداد في المذي فإن فيه في رواية أبي داود: فلينضح فرجه، وفي رواية مسلم: يغسل ذَكره ويتوضأ، والقصة واحدة. ومن إطلاق النضح على الصب: تسمية صب الماء من البئر في القف بالسانية نضحًا، وتسمي العرب البعير الذي يجر السانية لإخراج الماء وصبّه ناضحًا للذكر والأنثى. قال زهير بن أبي سلمى:

كأن عيني في غربي مقتلة ... من النواضح تسقي جنة سحقا

وقولها: (فأجلسه) يحتمل أن الصبي كان في سن الجلوس فيكون على حقيقته، ويحتمل أنه أصغر من ذلك فوضعه في حجره فكنت عن ذلك بالجلوس.

• الأحكام والفوائد

قال ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: أجمع المسلمون على أن بول الصبي الذي يأكل الطعام ولا يرضع كبول أبيه نجس، واختلفوا في بول الصبي والصبية إذا كانا يرضعان ولا يأكلان الطعام، فقال مالك وأبو حنيفة

<<  <  ج: ص:  >  >>