للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (بدء التيمم) أي أول مشروعيته، وتقدم تفسير التيمم في أول الكتاب في شرح الآية الكريمة والحمد لله. قولها: (خرجنا) بنون الجمع على إرادة الجماعة الذين خرجوا في الغزو أي من المدينة، ويمكن أن تكون أرادت نفسها على سبيل التعظيم عند العرب، وهو جائز في الكلام ولو لم يقصد التعظيم. قولها: (في بعض أسفاره) هي غزاة بني المصطلق من خزاعة سنة ست من الهجرة، ويقال لها: غزوة المريسيع وهو الماء الذي كانوا عليه، وغزوة الإفك أيضًا لأن قصة الإفك كانت في رجوعهم، والتيمم عند خروجهم. وسببها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلغه أن سيدهم الحارث بن أبي ضرار -وهو والد جويرية- يجمع لحرب المسلمين فغزاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيها قال ابن أُبَي -قبحه الله-: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل". والمريسيع ماء بالساحل من ناحية قديد ما بين مكة والمدينة، وهو محل القوم الذي قصدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم عليه، فأغار عليهم وقتل منهم عشرة وأخذ سبيهم وأموالهم، ثم بعد ذلك أعتق السبي وأعتقه المسلمون؛ لما علموا أنه - صلى الله عليه وسلم - أعتق جويرية وتزوجها وأسلموا بعد ذلك. وقولها: (حتى إذا كنا) تقدم الكلام على معنى (حتى) و (إذا) مستوفى في شرح الآية الكريمة أول الكتاب، وهي هنا للغاية. وكنا بمعنى وصلنا البيداء ونزلنا بها، والبيداء أصلها الأرض المتسعة الخالية وجمعها بيد، قال جرير بن الخطفي:

نظرت من الرصافة أين حَجْر ... ورمل بين أهلهما وبيد

بها الثيران تحسب حين تضحى ... مرازبة لها بهراة عيد

والبيداء: عَلَم على المكان المرتفع الذي بعد الحليفة، وفي حديث ابن عمر لما سمع الناس يقولون إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم من البيداء قال: (بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما أحرم إلَّا من عند الشجرة) ويروي بيت حسان يخاطب ضرار بن الخطاب المحاربي من بني محارب بن فهر:

فلولا أبو وهب لمرت قصائد ... على شرف البيداء يهوين حسرا

ويروى البرقاء والظاهر أن البيداء أصوب، وقولها: (أو ذات الجيش) على الشك في المكان الذي نزلوا به؟ هل هو آخر البيداء أو أول ذات الجيش وهي بعد البيداء متصلة بها؟ فالبيداء تنتهي بأول ذات الجيش على طريق مكة،

<<  <  ج: ص:  >  >>