بعصا كانت معه، ثم وضع يده على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد علي.
قال: هذا حديث حسن، فهذه الرواية تدل على أن الذي لقيه أبو جهيم، ولكن فيها: أنه كان يبول في حين ما سلم عليه، وليس هذا اللفظ في رواية المصنف ولا في رواية البخاري ولا أكثر روايات الحديث.
وقوله:(لم يرد) ثلاثي مضعف، ومثله إذا جزم جاز فيه ثلاثة أوجه إذا لم يفك إدغامه: الكسر وهو الأصل عند التقاء الساكنين، والفتح لأنه عندهم أخف، والضم إتباعا لضمة الراء.
وقوله:(حتى) لغاية امتناعه من الرد، وأل في الجدار للعهد الحضوري أي الذي كان عنده وإن لم يتقدم له ذكر، وقد ذكر بعض العلماء أَنَّ تيممه على الجدار لعله علم طيب نفس صاحبه بذلك، أو أنه لخفة أمره لا ضرر فيه فلا يحتاج فيه للاستئذان.
قلت: وهو الظاهر لأنه لا يضر الجدار فلا يتوقف فيه على الإذن، كالتيمم في الأرض المملوكة للغير فإنه لا يتوقف على الإذن، فلو أن شخصًا أدركته الصلاة ولم يجد ماء وعنده أرض مملوكة للغير؛ لم يلزمه طلب الإذن في التيمم عليها لعدم الضرر في ذلك، وقال بعضهم: لعله كان مشاعًا، وهذا لا يخلو من تكلف لما قدمنا من أنه لا يحتاج في مثله إلى الإستئذان. وللطبراني في الأوسط:"حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة، ضرب بيده الحائط فمسح ذراعيه ثم رد على الرجل السلام، وقال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت على غير طهر"، وعند أبي داود من حديث حيوة عن ابن الهاد أن نافعًا حدثه عن ابن عمر قال:"أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغائط فلقيه رجل عند بئر جمل، فسلم عليه فلم يرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الحائط، فوضع يده عليه ثم مسح وجهه ويديه ثم رد على الرجل السلام"، وعند البزار بسند صحيح عن نافع عن ابن عمر:"أن رجلًا مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلم عليه الرجل فرد عليه السلام، فلما جاوزه ناداه عليه السلام فقال: إنما حملني على الرد خشية أن تذهب فتقول: سلمت على النبي فلم يرد علي، فإذا رأيتني على هذه الحالة فلا تسلم علي، فإنك إن تفعل لا أرد عليك". وهذا ظاهره أنه رد عليه في حال البول، وهو محمول على أنه بعد الفراغ من البول, لأن النهي عن الكلام في حال البول والغائط