يصرفه عن ظاهره، فيحمل على أنه رد عليه بعد الفراغ في محل البول.
وأكثر هذا تقدم في حديث المهاجر بن قنفذ رقم (٣٨).
• الأحكام والفوائد
فيه: جواز التيمم في الحضر كما ترجم له المصنف، وبوب له البخاري -رحمه الله- فذكر حديث الباب، وقد قال بعض العلماء: الحديث وإن كان فيه التيمم في الحضر؛ إلا أنه لم يكن فيه دليل على رفع الحدث حتى يستبيح به الصلاة، وهو مردود بأن الحدث الذي ذكر أنه منعه ذكر الله على غير طهارة هو المنافي للطهارة، وإذا فعل ما تزول كراهة ذكر الله على تلك الحال؛ لا فرق فيه بين الصلاة وغيرها , لعدم وجود فرق في الشرع في مثل ذلك. وفيه: كراهة ذكر الله -عز وجل- على غير طهارة، قال ابن الجوزي: كره أن يرد السلام لأنه اسم من أسماء الله تعالى، قال: أو يكون هذا في أول الأمر قبل استقرار الأمر على غير ذلك.
قلت: هذا بعيد لأن التيمم إنما شرع في سنة ست من الهجرة كما تقدم، وذكر العيني عن الطحاوي: أن حديث المنع من رد السلام منسوخ بآية الوضوء، وقيل بحديث عائشة -رضي الله عنها-: "كان يذكر الله على كل أحيانه"، وفيه حديث ابن الغفواء من رواية جابر الجعفي وفيه:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراق الماء نكلمه فلا يكلمنا ونسلم عليه فلا يسلم علينا" حتى نزلت الرخصة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}.
قلت: والظاهر أن شواهد الضعف لائحة عليه وهو يدل على عدم جواز الكلام للمحدث، وهذا لم يقل به أحد. وأما دعوى النسخ فتحتاج إلى معرفة التاريخ وهي غير موجودة، وأيضًا الجمع ممكن بين هذا وبين أدلة الجواز: كحديث عائشة السابق وحديث ابن عباس: بِتُّ عند خالتي ميمونة فذكر قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - آخر سورة آل عمران، وحديث "إنما أمرت بالوضوء للصلاة" ونحو ذلك بحمل ذلك على عدم الوجوب، وبحمل مثل هذا الحديث على الإستحباب، أو أن الذكر على غير طهارة خلاف الأولى، فيحصل بذلك الجمع بين النصوص فلا يحتاج إلى النسخ. ومن العجب استدلال العيني به وهو من رواية الجعفي، وقد قال أبو حنيفة فيه: ما رأيت فيمن رأيت أكذب من جابر الجعفي. ومنها أنه استدل به من أجاز التيمم على الحجر، وهو قول