للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحنفية وقول عند المالكية, لأن حيطان المدينة مبنية بالحجارة السود في الغالب. قال ابن بطال: فيه رد على الشافعية في اشتراط التراب, لأنه معلوم أنه لم يعلق به تراب إذ لا تراب على الجدار، وتعقبه الكرماني بأنه قد يكون عليه التراب. قال: لأنه قد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - حتَّ الجدار بالعصا ثم تيمم، فيجب حمل المطلق على المقيد. وتعقبه البدر العيني -رحمه الله- فقال: الجدار إذا كان من حجر لا يحتمل التراب لأنه لا يثبت عليه، خصوصًا جدران المدينة لأنها من صخرة سوداء. وقوله: مع أنه إلخ ممنوع؛ لأن حت الجدار بالعصا رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث كما ذكرناه عن قريب، قال: وهو حديث ضعيف. فإن قلت: حسنه البغوي كما ذكرنا، قلت: كيف حسّنه وشيخ الشافعي وشيخ شيخه ضعيفان لا يحتج بهما، قاله مالك وغيره، وأيضًا فإنه منقطع لأن بين الأعرج وبين أبي جهيم عمير، كما سبق عن البخاري وغيره ونص عليه البيهقي وغيره. وفيه علة أخرى وهي زيادة حك الجدار، لم يأت بها أحد غير إبراهيم، والحديث رواه جماعة كما ذكرناه وليس في حديث أحد منهم هذه الزيادة، والزيادة إنما تقبل من ثقة. قال: ولو وقف الكرماني على ما ذكرنا لما قال: مع أنه ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - حت الجدار.

ومن فوائد الحديث: استدلال الطحاوي به على التيمم للجنازة عند خوف فواتها، وهو قول الكوفيين والليث والأوزاعي، وهو قول المالكية فيمن خاف تغير الجنازة بتأخيرها للماء، أو فوت إمكان الصلاة عليها بسبب من الأسباب. ونسب العيني للمالكية عدم الجواز، وهو ليس بصواب إلا أن بعضهم قال: إنه لا يتيمم لفوات صلاتها، ومحله عند وجود فصل عليها غيره، والأكثرون على الجواز في هذه الحالة أيضًا ومنع ذلك الشافعي وأحمد. ووجه الاستدلال بالحديث: أنه إذا تيمم في الحضر لخوف فوت رد السلام كانت الجنازة أولى.

وفيه -أي الحديث: دليل على جواز التيمم للنوافل خلافًا لبعض المالكية. ومنها -أي فوائد الحديث: أنه يدل على مسح الوجه واليدين في التيمم كما سيأتي إن شاء الله.

واحتج به الحسن بن صالح فحمله على ظاهره فقال بوجوب الطهارة لذكر الله، وقد تقدم أنه معارض بما هو أصرح منه في جواز الذكر من غير طهارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>