للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرواية الأخرى: "أنهما كانا في رعاية الإبل"، ولا ينافي ذلك أنهما في سرية مع الناس؛ لأن الصحابة كانوا في السفر يتناوبون على إبلهم، ولا يخرجهم ذلك عن كونهم في حاجة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما في الرواية الأخرى. والحاصل أن ما هنا لا ينافي ما في الروايات الأخر، غير أن مقتضى الترجمة أنهم لم يكونوا في سفر، بل كان بعثهم قريبًا لا يجري عليهما حكم المسافر. ووقيل في تعريف السرية: أنها تكون بعدد مخصوص، وهو خلاف ما جرى عليه اصطلاح أهل السير والحديث من أنها: الطائفة من الناس لم يكن فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: (فأجنبنا) أي أصابت كلًا منا جنابة، يعني أنهما احتلما، والفاء في قوله: (فأجنبنا) وقوله: فلم نجد؛ عاطفة في الموضعين. وقوله: (فأما) الفاء للتفصيل، وكذا (أما) هنا للتفصيل وتقدم الكلام عليها في الحديث (٣١).

وقوله: (فلم تصل) الفاء في جواب (أما) لما فيها من رائحة الشرط، كما تقدم عن سيبويه.

وقوله: (فتمعكت) أي تحككت في التراب، من قولهم: معك الأديم إذا حكّه، أي: تمرغت فيها مثل ما تتمرغ الدابة، كما في الرواية الأخرى: بسائر بدني.

وهذا منه - رضي الله عنه - اجتهاد: قاس الطهارة الترابية على المائية في التفرقة فيها بين الحدث الأكبر الذي يعمم فيه البدن بالماء والحدث الأصغر الذي يجزئ فيه بعض الأعضاء، ولهذا قال ابن دقيق العيد: إن الحديث فيه دليل على القياس, لأنه لم ينكر عليه قياسه وإنما بين له أن الرخصة خصصت هذه الأعضاء في الحدث الأكبر، كما هو الحال في الحدث الأصغر.

وقوله: (فأتينا النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي بعد رجوعنا فذكرنا ذلك له، أي: عمل كل منا.

وقوله: (فقال إنما كان يكفيك) أي لاستباحة الصلاة بالتيمم.

وقوله: (فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه إلى الأرض) أي يكفيك هذا الفعل الذي أمامك، وفي الرواية الأخرى: "أن تفعل هكذا". وقوله: "ثم نفخ فيهما" أي ليخفف من التراب الذي تعلق بهما، و (ثم) عاطفة للمسح على الضرب لأنه الغرض منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>