للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصفرة فتقول: لا تعجلنّ حتى ترينّ القصّةَ البيضاء" ومثله لمالك في الموطأ، ومعناه: أن إحداهن تأخذ الكرسف -وهو القطن- فتمسح به الذي يخرج لتريه عائشة هل هو طهر أم لا؟ فتجعل ذلك في درج صغير ثم تبعث به إليها، فتأمرهن بانتظار الماء الأبيض لأنه علامة الطهر لا يخرج إلا عند إنقطاع الدم. وقولها: (كن) تعني الصحابيات في عهده - صلى الله عليه وسلم -، وهذا له حكم الرفع كما قال البخاري وغيره من أئمة الحديث, لأنه محمول على تقريره - صلى الله عليه وسلم - لهن على ذلك، لما عُرف من حرصهن على معرفة الأحكام والسؤال عنها، وهذا مما يستشكل ويكثر حصوله فما كن ليتركن السؤال عنه إلا بعد العلم بحكمه منه - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا صح لها أن تستدل بحالتهن على الحكم في ذلك. ولهذه القاعدة أشار الشيخ سيدي عبد الله العلوي الشنقيطي في منظومته طلعة الأنوار في المصطلح بقوله:

أمِرْتُ أو نُهِيتُ قُلْ وأُمرا ... الرفعُ حُكْمُه على ما شهِّرا

إن كان من ذي صحبة وقوله ... أعني من السنة دأبًا حكمه

كذاك كنا إن لعهده نُسِبَ ... أو كان في الأشهر من دون كذب

قال ابن حجر في قولها: (كنا لا نعد): أي في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع علمه بذلك، وبهذا يعطى الحديث حكم الرفع، وهو مصير من البخاري إلى أن مثل هذه الصيغة تعد من المرفوع، ولو لم يصرح الصحابي بذكر زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وبهذا جزم الحاكم وغيره خلافًا للخطيب) اهـ.

• الأحكام والفوائد

الحديث دلَّ على أن المرأة إذا رأت صفرة أو كدرة لا يغير ذلك من حالها شيئًا: إن كانت حائضًا ورأت ذلك فلا تعتبره طهرًا، وإن كانت طاهرًا ورأت ذلك فلا تعتبره حيضا، فقولها: (لا نعدُّ) أي لا نحسب ولا نعتبرها شيئًا طارئًا مغيرًا للحالة التي قبله، وذلك صادق بالأمرين، أعني: رؤيته بعد الطهر حال الطهر فلا يكون حيضًا، ورؤيته آخر الحيض فلا يكون طهرًا.

قال البدر العيني وابن بطال: (ذهب جمهور العلماء في معنى هذا الحديث إلى ما ذهب إليه البخاري في ترجمته، فقال أكثرهم: الصفرة والكدرة حيض في أيام الحيض خاصة وبعد أيام الحيض ليس بشيء، وهو مروي عن علي وسعيد بن المسيب وعطاء والحسن وابن سيرين وربيعة والثوري والأوزاعي

<<  <  ج: ص:  >  >>