(قام الإجماع على أنه مندوب حتى قال الأوزاعي: هو شطر الوضوء) اهـ. وقد دلّت الأحاديث على مواظبته - صلى الله عليه وسلم - عليه وحبه له حتى في آخر لحظة من حياته، كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- وغيره. ودلّت أيضًا على الأمر به ولكن على سبيل الندب لا الوجوب، وحكي عن الظاهرية القول بالوجوب وحكي عن إسحاق، وأنكره النووي عنه. وعند ابن حزم الوجوب للجمعة فقط، والقول بالوجوب يرده حديث:"لولا أن أشق على أمتي". إلخ.
واختلفوا فيه من ناحية أخرى فقال قوم: هو سنة للوضوء، وقوم قالوا: سنة للصلاة، وقال قوم: سنّة في الإِسلام عامة في جميع الأحوال والأوقات وهو الظاهر، لكنه يتأكّد في أوقات أكثر من غيرها من الأوقات، وبعض الأئمة كرهه للصائم بعد العصر وسيأتي الكلام على ذلك.
واختلفوا في كيفيته هل يكون عرضًا أو طولًا، وتقدّم في تفسير الشوص أن كلا القولين فسّر به الشوص كما فسر بالطعن في الأسنان، وفي الحديث التسوك في الفم من غير محل الأسنان، وفيه دليل على التسوّك بحضرة الناس كما سيصرّح به المصنف، وأن ذلك ليس منافيا للأدب كما زعمه بعضهم، وذلك يدل على أنه سنة للتنظيف وليس معناه إزالة القذر مما يستتر به عن الناس. وفيه استحباب المبالغة فيه، وينبغي إظهاره في هذه الأزمان لما في ذلك من إحياء السنة وإشهارها بين الناس؛ لأنها أصبحت مهجورة عند الأكثرين، ومن الغريب أن أحدهم يبالغ في نظافة بدنه وثيابه ولا ينظف فمه.
فيتأكد عند القيام من النوم كما تقدّم، وعند تغير رائحة الفم بأي سبب من الأسباب، لاسيما عند دخول المسجد وعند تلاوة القرآن، ووقت الوضوء ووقت القيام إلى الصلاة لأنها مناجاة للرب، وقد ذكر صاحب زاد المسلم أن ابن عباس قال:(فيه عشر خصال: يذهب الحفر، ويجلو البصر، ويشد اللثة، ويطيّب الفم، وينفي البلغم، وتفرح له الملائكة، ويرضي الرب تعالى، ويوافق السنة، ويزيد في حسنات الصلاة، ويصحح الجسم). وقد ذكر العلاّمة الشيخ محمَّد العاقب بن مايابا الشنقيطي، لمّا وصل إلى فاس ورأى تركهم للسواك، فقال على سبيل اللغز:
أسائل أهل العلم ما هي خصلة ... بعشر خصال في الحديث مفصّلة