للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يصيب رجل جراد يشوى منها، قال الراعي:

كدخان مرتجل بأعلى تلعة ... غرثان ضرم عرفجًا مبلولا

يعني بالمرتجل الذي أصاب رجل جراد، وقال لبيد - رضي الله عنه -:

فتنازعا سبطًا يطير ظلاله ... كدخان مرتجل يشب ضرامها

والجراد: اسم جنس جمعي واحده جرادة، وقيل: الجراد الذكر منه، والأول هو المعروف؛ فإن الأصل في اسم الجنس أن يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، كتمر وتمرة وسدر وسدرة، واشتقاقه من الجرد لأنه يجرد الأرض. قال أهل اللغة: أول ما يكون الجراد دبًا ثم غوغانًا إذا ماج بعضه في بعض، ثم كتفانًا ثم خيفانًا إذا صار فيه خطوط، الواحدة خيفانة ثم يكون جرادًا.

وقوله: (جعل يحثي) أي شرع، لأن جعل من أفعال الشروع، وحثى يحثي حثيًا ويحثو حثوًا: إذا أخذ بيديه معًا، والياء فيه أجود من الواو، والمراد: يحثو من ذلك الجراد من الذهب الذي خر أي سقط عليه في ثوبه.

قوله: (قال: فناداه ربه) هكذا عند المصنف، وليس في رواية الحديث عند غيره لفظ (قال)، وهو محمول على أن القائل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعدم ذكر لفظ (قال) عند البخاري وغيره ممن أخرج الحديث، يدل على أن (فناداه. . .) إلخ من قوله - صلى الله عليه وسلم -، وهو ظاهر رواية البخاري وغيره، وإن كان في روايته له في الطهارة بحذف أول الإسناد بصورة التعليق، فإنه أخرجه في كتاب الأنبياء بإسناده كاملًا من رواية عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة، وهو كامل عند غيره كذلك، وفيه هذا القول مرفوعًا أي: فناداه ربه إلخ.

ويحتمل أن المصنف أراد أن روايته للحديث فيها هذه اللفظة، ورواية غيره ليست فيها لفظة (قال). وقوله: (فناداه ربه). الفاء سببية وظاهره أنه سمع النداء بغير واسطة، فيكون سمع نداء بذلك ويحتمل أنه سمع النداء بواسطة الملك، وهو أقوى من حيث الأدلة القاضية بأن الكلام من دون واسطة خاص بموسى - صلى الله عليه وسلم -، إلَّا ما روي أن نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كلمه ربه ليلة الإسراء بدون واسطة إن صح ذلك.

وقوله: (ألم أكن) استفهام تقريري وهو حمل المخاطب على الإعتراف، لأن الهمزة في الإستفهام فيها معنى النفي، فإذا دخلت على أداة نفي صار نفيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>