للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للنفي وهو إثبات.

وقوله: (بلى) حرف جواب أي قد أغنيتك عن هذا، فقال: قد أغنيتني. وبلى لجواب النفي في الإستفهام، ولو قيل بدلها (نعم) في مثل هذا؛ لكان تقريرًا للنفي، وانقلب المعنى وصار إنكارًا لكونه أغناه، ولهذا قالوا في قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} لو قالوا: نعم؛ لكفروا، وبنى الفقهاء على ذلك مسألة الإعتراف والإنكار: فلو قال شخص لآخر: أليس لي عليك كذا وكذا؟ فإن قال: بلى؛ كان اعترافًا، وإن قال: نعم؛ كان إنكارًا منه، ولم يرى ذلك بعضهم محتجًا بأن العرف قد يكون على خلاف ذلك، فيقدم العرف عند ذلك أو يكون المتكلم لا يفرّق بين الحرفين.

قلت: وهذا هو الأظهر إن شاء الله، لأن العبرة في كلام الشخص على حسب فهمه ومعرفته وعادته في الخطاب، فهو الذي يؤخذ فيه بإقراره، وأما نطقه بشيء لا يفهم معناه وإلزامه الحق به فليس بصواب. وقوله: (لا غنى) بألف مقصورة، فإن اعتبرت (لا) نافية للجنس فهي مبنية على فتح مقدر، وإن اعتبرتها بمعنى ليس فهي مرفوعة بضمة مقدرة على الألف لتعذر حركته، والخبر حينئذٍ يحتمل أنه مقدر ويحتمل أنه الجار والمجرور في قوله: (به): والبركة: زيادة الخير.

• الأحكام والفوائد

الحديث فيه دليل على جواز الإغتسال عريانًا لمن كان بعيدًا عن الناس، ومثله حديث أبي هريرة في إغتسال موسى وذهاب الحجر بثوبه كما في الصحيحين، لأن الله لم يعاتب أيوب على اغتساله عريانًا، ولكن وردت السنة بأن التستر أفضل، وفيه: استعمال السبب وطلب الإزدياد من الخير والمال إذا حصل ذلك بوجه ميسور مباح، وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله إن لم يكن ذلك لغرض سيئ، كالمباهاة أو الاستعانة به على معصية الله تعالى، أو لم يأمن الإنسان على نفسه الفتنة في المال. وفيه: إظهار مزيد من الإفتقار إلى الله تعالى، وأن الأدب مع الله ألا يظهر الإستغناء عن شيء من نعمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>