للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الأحكام والفوائد

الحديث: فيه دليل على مشروعية التيمم وأنه بجميع أجزاء الأرض كما تقدم، لأن الرجل أو الإنسان قد تدركه الصلاة في مكان من الأرض ليس فيه تراب كما قدمناه، وفيه دليل على أن هذه الأشياء المذكورة لم تشرع لأحد من الأنبياء وأممهم قبل هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته، وفيه: بيان كرامة الله له واختصاصه بأشياء لم تعط لأحد من إخوانه من النبيين، وقد تقدم أن الحصر غير مراد به بل خص بأشياء أخرى كثيرة، واستدل بقوله: (طهورًا) من قال: إن التيمم يرفع الحدث لأنه وصف بصفة الماء فاقتضى ذلك المساواة، وقد تقدم الخلاف في ذلك في شرح الآية وأن الأكثرين على أنه مبيح للصلاة، وتقدم في أحاديث تيمم الجنب أنه لا يرفع الحدث بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الجنب الماء ليغتسل به بعد التيمم، ولأنه قال في حديث أبي ذر: "فإذا وجد الماء فليمسه بشرته". وفيه دليل على أن الحضري إذا لم يجد الماء تيمم وكذا لو وجده وعجز عن استعماله، وتقدم أنه دليل على عدم اشتراط التراب؛ لأن الإنسان قد تدركه الصلاة في مكان لا تراب فيه وهو كثير في الصحاري. قال النووي -رحمه الله-: احتج به مالك وأبو حنيفة على جواز التيمم بجميع أجزاء الأرض، وقال أبو عمر بن عبد البر: أجمع العلماء على أن التيمم بالتراب ذي الغبار جائز، وقال مالك وأصحابه. يجوز التيمم بالصعيد، وهو عندهم وجه الأرض كما تقدم في شرح الآية، فيشمل الحصباء والجبل والرمل والتراب والسباخ وكل ما على وجه الأرض من جنسها، وقال ابن خويز منداد كما نقله ابن عبد البر: يجوز التيمم عندنا على الحشيش إذا كان على وجه الأرض. واختلفت الرواية عن مالك في الثلج: فأجازه مرة وكرهه مرة أخرى ومنع منه، قال ابن عبد البر: ومن الحجة لمذهب مالك في هذا الباب قوله تعالى: {صَعِيدًا زَلَقًا} وقوله: {صَعِيدًا جُرُزًا}، والجرز: الأرض الغليظة التي لا تنبت شيئًا، وقوله -عليه الصلاة والسلام- "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، فكل محل جازت فيه الصلاة جاز التيمم فيه على ظاهر القرآن والحديث.

وقال أبو حنيفة وزفر: يجوز أن يتيمم بالنُّورة والحجر والزرنيخ والجص والطين والرخام وكل ما كان على وجه الأرض، وذكر العيني: أنه يجوز عند الحنفية زائدًا على ما تقدم: الكحل والمرجان والكبريت والتوتيا والطين الأحمر

<<  <  ج: ص:  >  >>