فإذا حصل التعيين بعد التعيين فقد أردفه، والله أعلم.
• الأحكام والفوائد
فيه بيان حبه - صلى الله عليه وسلم - للسواك وحرصه عليه كما تقدم، وفيه عدم جواز سؤال الولاية، وقد صرح - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عنه في حديث عبد الرحمن بن سمرة وبّين العلة فيه وهي أنه يوكل إليها ولا يعان عليها. والغالب أن الذي يحمل على سؤالها هوى النفس، واتباع الهوى موجب للهلاك والوقوع فيما لا يرضي الله، ولهذا ذكر البخاري حديث الباب تحت عنوان (ما يكره من الحرص على الإمارة). ومن هذا التعليل يؤخذ الجواب عن الإشكال في كون يوسف -عليه السلام- سأل العمل فقال:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ} وذلك أنه علم أن الكفاءة والمقدرة التي أعطاه الله إياها والأمانة لا توجد عند أحد من الناس غيره، فرأى أن عليه حقًا أن يبين ذلك لعلمه بما سيحصل من الحاجة. وهكذا لو كان شخص بهذه المثابة ولا يعلم من يقوم مقامه للمسلمين، وخاف من ضياع مصالحهم العامة أو الخاصة؛ يتعين عليه القيام بما يراه قادرًا عليه من أمرهم، كما فعل نبي الله يوسف -عليه السلام-.
ونظير هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تمني الموت لضر نزل به، وأقرّ على تمني الشهادة وطلبها. وقد اتفقوا على أنه إذا خاف الفتنة جاز له ذلك، كما فعل عتبة بن غزوان لما طلب من عمر وهو في الحج أن يعفيه من الإمارة، فأبى ذلك عليه عمر، فسأل الله الموت فمات بنخلة. وكذلك الحكم بن عمرو الغفاري لما خاف الفتنة، وكذلك قال عمر:"اللَّهم كبرت سني، ورقَّ عظمي، وانتشرت رعيتي وخفت من التقصير، اللَّهم إني أسألك شهادة في سبيلك، وموتًا في بلد رسولك". ومثله عن أبي