للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ابن وبني) تقدم الكلام أيضًا على مفردات ألفاظها، وفيها التصريح بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ابن للخليل وهذا ما لا خلاف فيه بين المسلمين. وقوله: (ثم رفع لي البيت) أي أبصرته من بعد، يقال: رفع السراب الشخص يرفعه رفعًا: زهاه، وهو مجاز ورفعت الشيء: قربته مني، ورفع لي أيضًا: قرب مني. قال ذو الرمة:

فقلت ارفعها إليك وأحيها ... بروحك واقتته لها قيتة قدرا

أي: قربها منك، فالمعنى أنه أظهر له البيت وأبرز حتى رآه كأنه قريب منه. وقد يكون هذا الرفع بإزالة الحواجز بينه وبين البيت المعمور، كما جاء في حديث الإسراء أن قريشًا لما سألته عن بيت المقدس رفع له حتى صار يراه عند دار عقيل .. الحديث، وهذا من أنواع خرق العادة له - صلى الله عليه وسلم -. وقوله: (المعمور) أي الذي يكثر عامروه، وقد اتفقت روايات الأكثرين فيه أنه بيت يقال له: الضراح، وهو في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر الدهر حتى تقوم الساعة، وقد روى ذلك ابن جرير -رحمه الله- من عدة طرق كعادته الحسنة، وأخرجه ابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس مرفوعًا، وأخرجه عبد الرزاق وجماعة عن علي - رضي الله عنه - أن ابن الكوّاء سأله عنه فقال: ذلك الضراح بيت فوق سبع سماوات تحت العرش يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، وفي رواية عنه وكذا عن ابن عباس: أنه حيال الكعبة بحيث لو سقط سقط عليها. اهـ.

وذكر قتادة وابن زيد أن في كل سماء بحيال الكعبة بيتًا حرمته كحرمتها، وعمارته بكثرة الواردين عليه من الملائكة -عليهم السلام-، وقال الحسن: هو الكعبة يعمرها الله كل سنة بستمائة ألف من الناس، فإن نقصوا أتم العدد من الملائكة. قلت: وهذا عندي في غاية السقوط لمصادمته للأحاديث الصحيحة في تعيين البيت المعمور، ولعله لا يصح عن الحسن إلا إذا قيل: مراده أن صفة المعمور ينطبق على الكعبة؛ لأنه من المجاز المشهور: بيت معمور بمعنى مسكون تكثر الناس عنده في محل هو فيه مأهول بالناس مسكون، وعمارة الكعبة بالمجاورين عندها والقادمين عليها، فإن أريد هذا المعنى فهو صحيح، أما إرادة الكعبة في الأحاديث الصحيحة في الإسراء التي تنص على البيت

<<  <  ج: ص:  >  >>