تفضيل، وقوله:"إن أمتك" أي جماعتك وقومك الذين أرسلت إليهم، وأصلها لفظ مشترك بين معاني، فإنها تكون بمعنى الجماعة والجيل من الناس، وهو الأكثر فيها، وتكون بمعنى الملة والدين كما في قوله:{وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي: ملة، {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي: ملتكم ودينكم، ومنه قوله:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع
والأمة: الرجل المقتدى به الجامع للفضائل كما في قوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}، وقوله -عليه السلام- في زيد بن عمر:"أمة وحده". والِأُمّة بالكسر والضم: الهيئة والعصارة والنعمة، ومنه قول الشاعر:
ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بأمته يمضي القطوط ويأفق
والأمة: القامة الحسنة، قال الشاعر:
إن معاوية الأكرمين ... بيض الوجوه حسان الأمم
والأمة: النعمة، قال الأعشى:
ولقد جررت إلى الفتى ذا فاقة ... وأصاب غزوك أمة فأزالها
والأمة: البرهة من الزمن، قال تعالى:{وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} أي: بعد مدة، ولها معانٍ غير هذا. وقوله:(لن يطيقوا ذلك) أي: لن يقدروا عليه، والإشارة إلى أداء هذا العدد من الصلاة كل يوم وليلة، أي: لن يقدروا على القيام بأداء خمسين صلاة، من الإطاقة وهي: القدرة على الشيء، من قوله: طاقه طوقًا وأطاقه إطاقة وأطاق عليه، والاسم: الطاقة، قال الأزهري: أطاقه يطوقه طوقًا، وأطاقه يطيقه إطاقة وطاقة، كما يقال: طاع يطوع طوعًا وأطاع يطيع إطاعة وطاعة، والطاعة والطاقة اسمان يوضعان موضع المصدر. وقوله:(فارجع إلى ربك) الفاء سببية وإن كانت تحتمل الإستئناف، أي: المحل الذي ناجيت فيه ربك أو فرض عليك فيه ذلك، وقوله:(فاسأله أن يخفف عنك) أي: سله التخفيف عليك فيما فرضه عليك وعلى أمتك، وهذا دليل على أن موسى قد علم أن الفرض عليه فرض على أمته، وقوله:(فرجعت فسألته) الفاء الأولى سببية أو عاطفة والثانية عاطفة، وقوله:(أن يخفف عني) أي: سألته التخفيف، فالمصدر في محل نصب مفعول به، وقوله:(أربعين) مفعول ثان لـ (جعلها)، أي: نقص منها عشرًا أي حطها عني من الخمسين فبقي العدد