أربعين، ثم ذكر مراجعته لموسى حتى وضع منها عشرًا بعد عشر حتى صارت عشرًا، ثم وضع منها خمسًا فبقيت خمس، ورواية عشرة هنا بتذكير العدد وهو مؤنث، ولهذا جاء في رواية البخاري: عشرًا؛ وهي أظهر غير أن رواية التاء قد تخرج على معنى الفرض أي عشرة فروض، أو على الوقت: عشرة أوقات، ويكون قوله (فجعلها) أي: الصلاة عشرة فروض. وقوله:(إني أستحيي من ربي -عز وجل-) يقال: أستحيي على الأصل بياءين وأستحي بياء واحدة تخفيفًا، وقد تقدم الكلام عليه في حديث أم سليم في الغسل، وتقدم أيضًا الكلام على قوله -عز وجل- في أول الكتاب المبارك. والرب لفظ يطلق على المالك والمدبّر والقائم بالأمر والملك، قال الشاعر وهو لبيد - رضي الله عنه -:
وقوله عليه الصلاة والسلام في اللقطة:"فإن جاء ربها"، وهذه المعاني لا يستعمل في شيء منها إلا مضافًا، وأما إن جرد عن الإضافة فلا ينصرف إلا للمتصف بهذه الأوصاف كلها على الحقيقة، وهو الله سبحانه وتعالى. وقوله:(من أن أرجع إليه) المصدر بدل من قوله: (من ربي) أي: استحييت من الرجوع إليه، وقوله:(فنودي) أي ناداه ربه أو الملك بأمر ربه له، وفي الرواية الأخرى "فنُودِيتُ" وهي بمعنى الأولى، وكل من اللفظين بالبناء للمفعول، وقوله:(أن أمضيت فريضتي) أي بأن أمضيت أي أثبت وقررت فريضتي التي افترضتها عليك وعلى أمتك، وأمضى الشيء يمضيه: إذا أنفذه، وقوله:(وخففت عن عبادي) أي: بما نقص عنهم من الخمسين التي فرضت عليهم. وقد اختلف العلماء هل هذا الذي حصل في هذه القضية نسخ أم لا؟ قال الإِمام عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أبي الحسن الحنفي السهيلي الماليقي -رحمه الله- المولود سنة ٥٠٨ بمالقة المتوفى سنة ٥٨١: (أما فرض الصلاة خمسين ثم حط منها عشرًا عشرًا، وروي أنها حطت خمسًا خمسًا، وقد يمكن الجمع بين الروايتين بدخول الخمس من العشر، فقد تكلم في هذا النقص من