للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

آخر أن التضرع يكون سببًا لرفع العذاب والمحنة بقوله: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ}، وذلك أنهم على ما روي خرجوا إلى الصحراء متضرعين باكين. وقال في حق يونس: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)}. إلى غير ذلك مما يدل على أن الرجوع إلى الله سبب في كشف الضر والبلاء.

الخامس والأربعون: فيه دليل على أن الله تعالى إذا أراد سعادة العبد جعل اختياره في مرضات الله، وهذا هو معنى التوفيق نسأل الله تعالى أن يوفقنا ويجعل اختيارنا فيما يرضيه عنا، ووجه ذلك ما تقدم من أنه - صلى الله عليه وسلم - آثر مرضات الله، فعوّض عما تركه لذلك الخير العظيم كما تقدم.

السادس والأربعون: في قصة موسى هذه دليل على بذل النصيحة ولو لم تطلب من الإنسان، وأن من أشير عليه بأمر فيه رشد ينبغي أن يقبل النصيحة، ولكن إذا تبين له ما هو أصوب منها قدّمه، وبنبغي حينئذٍ أن يعتذر للناصح كما فعل - صلى الله عليه وسلم - مع موسى.

السابع والأربعون: فيه دليل على قصر فرض الصلوات على الخمس، وأن الوتر وغيره ليس شيء من ذلك فرض. وسيأتي أن مشهور مذهب أبي حنيفة وجوبه.

الثامن والأربعون: ظاهر هذا السياق يدفع قول من قال: إن في كل سماء بيت معمور، فإنه لم يذكره إلا في السماء السابعة، وفي تعريفه بالألف واللام ما يدل على انفراده بذلك، ولا يمنع ذلك من ثبوت بيت العزة في السماء الدنيا لوروده في الخبر.

٤٤٧ - أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ حَزْمٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فَرَضَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ لِي مُوسَى: فَرَاجِعْ رَبَّكَ -عَزَّ وَجَلَّ- فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>