للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التاسع والثلاثون: وفيها: دليل ظاهر كما تقدم على أن بكاء موسى إنما كان غبطة لهم، ولهذا اهتم بأمرهم والتيسير عليهم لأن هذا كما تقدم شأن أهل الخير وصفاء النفوس، وأولى الناس بذلك صفوتهم وخيرة الله منهم، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يسّروا ولا تعسروا، بشّروا ولا تنفروا".

الأربعون: فيه: بيان فضل الله وكرمه العظيم على هذه الأمة، حيث خفف عنهم في العدد وأبقى عليهم ما تفضل به من الثواب والمدد، فالحمد والمنة على الأبد.

الحادي والأربعون: يستفاد منه عظم فضل الله وكرمه، وأنه يجب الإلحاح في السؤال، ولا يمنعه ما أعطى من إجابة السؤال عند الإلحاح والزيادة للملحين في الدعاء؛ لأن دعاءه قربة فقد طلبه من عباده وحثهم عليه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل" وفي الحديث: "من لم يسأل الله يغضب عليه"، وفي البيت السائر:

الله يغضب إن تركت سؤاله ... وبني آدم حين يُسأل يغضب. اهـ

الثاني والأربعون: فيه أن من آثر حق الله على حق الغير عوّضه الله، وعوّض صاحب الحق أيضًا الذي ترك حقه خيرًا مما آثر به، ووجه ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك مراجعة ربه -عز وجل- في المرة الأخيرة استشعارًا للحياء من الله: فعوّضه الله إبقاء أجر الخمسين على الخمس له ولأمته، وجعل لهم الحسنة بعشر أمثالها.

الثالث والأربعون: قال بعض العلماء: فيه دليل على أن قدر الله على قسمين: قسم قدّره وقدر أن لا ينفذه لسبب من الأسباب، وقسم قدّره وقدر تنفيذه، وقد اجتمعا في هذه القضية حيث قدّر فرض الخمسين، ولما سبق علمه ألا تنفَّذَ جعل موسى سببًا وواسطة في ذلك، والقسم الثاني: هو الخمس قدّر فرضها وتنفيذها.

الرابع والأربعون: فيه: أن العبد إذا فوّض أمره إلى الله واستسلم لأمر الله وتضرّع إليه؛ فرّج الله عنه وأعانه على الخير ويسّره له، كما دل عليه قوله: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ. . . .} الآية. وبيّن في موضع

<<  <  ج: ص:  >  >>