الثالث والثلاثون: في ذكر سدرة المنتهى دليل فضيلة السدر، وهو شجر مثمر ولورقه فوائد، وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجعله في ماء غسل الميت في إحدى غسلاته، وهو دباغ ومصلح للشعر ولذا ورد في الحديث النهي عن قطعه.
الرابع والثلاثون: في هذا الحديث بيان لفضيلة النيل والفرات وأنهما مباركان، لما فيهما من مصالح العباد فإنه يعيش خلائق لا تحصى كثرة.
الخامس والثلاثون: وفيه أيضًا: بيان فضل الصلوات وعظم شأنها عند الله، حيث كان فرضها مقترنًا بهذه المعجزة العظيمة وفي هذا المكان العظيم على هذا الوجه، وليس ذلك لشيء من الفرائض سواها.
السادس والثلاثون: في سياق هذه القصة دليل على أن الإسراء كان بالجسد لا بالروح، وأن قوله السابق:(بين النائم واليقظان) إخبار عن حاله أول الأمر، ووجه ذلك أن رؤيا الأنبياء وإن كانت وحيًا لكن الغالب على التشريع أن يكون في حال اليقظة، وإن حصل شيء في النوم إنما يكون توطئة لحال اليقظة، وأيضًا لو كانت مجرد رؤيا لما كان فيها ما يدعو إلى التعجب والإستعظام وإنكار الحصول، وقد قال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}، وقد أنكرتها قريش على ما تقدم بيانه.
السابع والثلاثون: في سؤال موسى له - صلى الله عليه وسلم - دليل على اهتمام أهل الدين والصلاح بأمور المسلمين، وسعيهم في حصول الخير لهم والتيسير في العبادة عليهم، وأولى الناس بذلك الأنبياء والأولياء وكل عبد مخلص لله، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المشهور:"الدين النصيحة". فسؤاله دليل على حبه للخير لهم والإهتمام بما يتجدد لهم من كرم الرب -سبحانه وتعالى-.
الثامن والثلاثون: فيه: دليل على أن التجربة من أعظم ما يفيد الحقائق ومعرفة أحوال الناس وطباعهم، وكذا في كل أمور الدنيا فالشيء الحاصل بها قد لا يحصل بمجرد العلم العاري عنها، فلهذا قال بعض العلماء: إن الحديث دل على الحكم بما أجرى الله به العادة من الأمور وارتباط المسبّبات بأسبابها، وأن طبيعة البشر التثاقل عن الطاعات، قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)}