السابع والعشرون: فيه: فضيلة عظيمة لهذه الأمة كما هو ثابت لها في القرآن {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} الآية، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} الآية، وذلك لإختصاصهم بهذا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - كما قال الشاعر:
بشرى لنا معشر الإِسلام إن لنا ... من العناية ركنًا غير منهدم
لما دعا الله داعينا لطاعته ... بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
الثامن والعشرون: تقدم أن في قول إدريس له: من نبي وأخ، دليل على أنه ليس من ذريته، وهو يرد القول بأن إدريس جدّ نوح وتقدم ذلك، بخلاف إبراهيم فإنه أبوه بالإتفاق.
التاسع والعشرون: هل رأى هؤلاء الأنبياء بأجسادهم وأرواحهم؟ أو رأى الأرواح دون الأجساد؟ والذي أختاره ويترجح عندي في هذا وما شاكله: التوقف لعدم دليل تطمئن إليه النفس، وإطلاق الرؤية -أي رؤيته لهم- كما في الحديث، وأما ما زاد على ذلك فلا برهان عليه، فالتوقف فيه أسلم وعلمه إلى الله مردود فهو به أعلم، كما هو الواجب فيما لا بيان فيه من الله ولا من رسوله، فإن الله تعالى قال:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، وقد قال ابن حجر -رحمه الله-: (هل أسري بأجسادهم لملاقاة النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الليلة أو أن أرواحهم مستقرة في الأماكن التي لقيهم فيها وأرواحهم مشكلة بشكل أجسادهم؟ كما جزم به أبو الوفاء بن عقيل قال: واختار الأول بعض شيوخنا، واحتجَّ بما ثبت في مسلم عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رأيت موسى ليلة أسري بي قائمًا يصلي في قبره. وتعقبه ابن حجر -رحمه الله-) اهـ.
الثلاثون: سؤاله لجبريل عن البيت المعمور وما رآه فيه؛ دليل على أن كثرة الفضائل ورفعة الدرجات من السؤال للإستفادة، وقد قال الله تعالى له:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}.
الحادي والثلاثون: في كون البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألفًا من الملائكة ثم لا يعودون إليه؛ دليل ظاهر على كمال قدره وكثرة جنوده كما قال تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}.
الثاني والثلاثون: في هذه الرواية وما وافقها من الروايات؛ دليل على أن البيت المعمور في السماء السابعة، وقد تقدم ذلك في شرح الحديث.