للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلمْ أنَّه لَا يُشْتَرَطُ لثبوتِ التَّحريم بقاءُ الَّلبنِ المُحرِّم على هيئتِهِ حالةَ انفِصالِهِ عنِ الثَّدي، فلو تغيَّر بحموضةٍ أو انعقادٍ أو غليٍ (١)، أو صار جُبنًا، أو أقِطًا، أو زُبدًا، أو سَمنًا، أو مخيضًا، أو مصْلًا، أو مشًّا، وتناوَلَ ذلك الرضيعُ ثَبَتَ التحريمُ بشرطِهِ؛ لِوصولِ الَّلبنِ إلى الجَوْفِ، وحصولِ التَّغذِّي بِهِ (٢).

وقد نصَّ في "الأم" و"المختصر" (٣) على الجُبنِ، فقال: "وَلَوْ جَبُنَ اللَّبَنُ فَأُطْعِمَهُ كَانَ كَالرَّضَاعِ" (٤).

فلم يتْبَع الشافعيُّ اسمَ اللبن؛ قال الغزالِيُّ (٥): اعتَبَرَ الشافعيُّ اسمَ الإرْضاع، ولم يعتَبِرْ اسمَ اللبنِ (٦).

وما قاله الغزاليُّ مُشكلٌ مِن أجلِ أنَّ الرَّضاعَ والإرضاعَ لا يُشْترطُ وجودُ حقيقتِهِما.


(١) في (ل): "أُغْلِيَ".
(٢) "روضة الطالبين" (٩/ ٤).
(٣) "مختصر المزني" (ص ٣٣٣).
(٤) قال الماوردي في "الحاوي الكبير" (١١/ ٣٧٥): وهذا أبلغ في سد المجاعة من مائع اللبن، فوجب أن يكون أخص بالتحريم، ولأن ما تعلق به التحريم مائعًا تعلق به جامدًا كالنجاسة والخمر، ولأن انعقاد أجزائه لا يمنع من بقاء تحريمه كما لو ثخن، ولأن تغيير صفته لا توجب تغيير حكمه كما لو حمض. انتهى.
وراجع "التنبيه" (ص ٢٠٤) و"المهذب" (٣/ ١٤٤) و"المجموع" (١٨/ ٢٢١).
وقال أبو حنيفة: لا يتعلق به التحريم استدلالًا بقول اللَّه تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣] وهذا مفقودٌ في المجبن والمغلي، ولأن زوال اسم اللبن موجبٌ لارتفاع حكمه بناءً على ما قاله في المشوب.
(٥) "الوسيط" (٦/ ١٨٠).
(٦) "نهاية المطلب" (١٥/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>