وانتهى فقه الشَّافعيّ إِلى هاتين الطريقتين، وأصبحت الكتب المعتبرة لا تعدوهما، فمتى اتفقت الطائفتان على فرع من الفروع، كان هذا القول المعتمد في المذهب.
ثمَّ ظهر بعد ذلك من العلماء ممن لم يتقيدوا بمدرسة واحدة منها، بل نقلوا عن هذه وتلك، ومنهم:
الروياني: عبد الواحد بن إسماعيل صاحب البحر المتوفى سنة ٥٠٢ هـ منهم، وكذلك أبو بكر محمد بن أحمد الشاشي صاحب كتاب "حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء"، المتوفى سنة ٥٠٥ هـ.
وابن الصبّاغ: عبد السيد بن محمد البغدادي صاحب كتاب "الشامل شرح مختص المزني" المتوفى سنة ٤٧٧ هـ وهم عراقيون ينقلون عن الطريقتين.
والمتوفي: عبد الرحمن بن مأمون النيسابوري صحابي التتمة، المتوفى سنة ٤٤٨ هـ.
وإمام الحرمين أبو المعالي: عبد الملك بن عبد اللَّه، صاحب نهاية المطلب، المتوفى سنة ٤٧٨ هـ.
والإمام الغزالي: محمد بن محمد بن محمد أبو حامد الطوسي صاحب "البسيط" و"الوسيط" و"الوجيز"، المتوفى سنة ٥٠٥ هـ، وهم خراسانيون ينقلون عن العراقيين.
وربما يعتمد كل غير طريقته في الفروع، فدوّنوا الفقه وجمعوا بين الطريقتين.
وبظهور هؤلاء العلماء بدأ الرافدان الأساسيان الناقلان لفقه الشافعي قديمه وجديده يلتقيان في قول موحد يمثل مذهب الشافعي، والراجح من قوله، ولقد أنصف الإِمام النووي المدرستين الناقلتين للمذهب بقوله:
واعلم أن نقل أصحابنا العراقيين لنصوص الشافعي، وقواعد مذهبه ووجوه