وأمَّا المحجورُ عليه بالفلَسِ فليسَ لَهُ العفوُ على المالِ إنْ قلنا أَنَّ موجبَ العمدِ أحدُ الأمرينِ، فإن قلنا بالأظهرِ فلُهُ العفوُ على الديةِ قطعًا.
وإن أطلقَ العفوَ فعلى ما سبقَ فِي أنَّ العفوَ هلُ يوجبُ المالَ فإن قلنَا بالأصحِّ أنَّه لا يُوجبُهُ لم يثبُتْ هنا، وإلَّا ثبتَ. وإن قالَ:"عفوتُ على أن لا مالَ"، فالأصحُّ أنَّه لا يجبُ شيءٌ.
وحكمُ المريضِ فِي الزائد على الثلثِ والورثةِ إذا عَفَوْا والتركةُ مستغرَقةٌ بالديونُ حكمُ المفلسِ، كما صرَّحَ به القاضي الحسينُ والإمامُ وغيرهما، وحكم المبذِّرِ المحجورِ عليه فِي الدية حكمُ المفلس على قولِ الأكثرينَ، وقيل: حكمُهُ حكمُ الصبِيِّ ولو تصالحَا عنِ القصاصِ على مائتين من الإبلِ لم يصحَّ إنْ قلنا أنَّ الواجبَ أحدُ الأمرينِ، فإن قلنا:"الواجبُ القصاصُ" فالأصحُّ الصحةُ.
* * *
[فصل]
لو قال حرٌّ مكلَّفٌ لغيرِهِ:"اقطعْ يدي"، فقطعها لمْ يلزمْهُ قصاصٌ، ولا ديةٌ، فإن سَرَى القطعُ أو قَالَ:"اقتلْنِي" فقتَلَهُ لم يجبِ القصاصُ ولا الديةُ على أظهرِ القولينِ، ولو قطعَ عضوًا من إنسانٍ فعفا المجنِيُّ عليهِ عنِ موجبِ تلكَ الجنايةِ أرشًا وقودًا، فإن لم تتعدَ الجنايةُ محلَّها فلا قصاصَ ولا أرشَ، وإن سرتْ إلى النَّفس فلا قصاصَ.