للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أحسنَ السباحةَ وأمكنهُ فتركَهَا، فلا قصاصَ ولا ديةَ؛ لأنَّهُ بمنزلةِ مَن طرَحَ نفسَهُ، وكذلكَ لا قصاصَ ولا ديةَ فيما إذا ألقاهُ فِي نارٍ يمكنهُ الخلاص منه فمكث.

وإذا أمسكه إنسانٌ فقتله غيرُهُ أو حَفَرَ بئرًا فردَّاهُ فيها آخرُ والتردية فِي البئر يحصلُ منها القتلُ غالبًا، أو ألقاهُ فِي طَلَلٍ فتلقاهُ غيرُهُ فقدَّه فالقصاصُ على مَن قتلَ وردَّى، وقدَّ خاصَّة؛ لأنَّهُم المباشرون.

* * *

[فصل في اجتماع مباشرين]

فإذا صَدَرَ فِعْلانِ مزهقانِ للروحِ من شخصينِ، ينظر؛ إنْ وُجدا معًا فهما قاتلانِ، سواء كانا مُذَفِّفَين (١) بأنْ حزَّ أحدُهما رقبتَه، وقدَّهُ الآخرُ نصفين، أو لم يكونَا مُذَفِّفَين بأنْ أجافَ (٢) كلّ منهُما أو قَطَعَا عضوينِ، وماتَ منهُما.

وإنْ كانَ أحدُهمَا مُذَفِّفًا دونَ الآخرِ فالمُذَفِّف هو القاتل.

وإن طرأ فعلُ أحدِهما على الآخرِ فإن وجد فعل الثَّاني بعد انتهاءِ المجني عليهِ إلى حركةِ المذبوحِ، فالقاتلُ هوَ الأوَّلُ، ولا شيءَ على الثَّانِي سوى التعزيرُ.

والمرادُ بحركةِ المذبوحِ الحالةُ التي لا يبقَى معها الإبصارُ والإدراكُ،


(١) الذَّفُّ: الإجهاز على الجريح والإسراع في قتله، وفي حديث علي -رضي اللَّه عنه- أَنه أمر يوم الجمل فنودي: ألا يتبع مدبر، وألا يقتل أسير، ولا يذفف على جريح.
(٢) يقال: جافه أو أجافه: إذا أصاب جوفه، والجائفة: الطعنة التي تبلغ الجوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>