فرع: ادَّعى عينًا غائبةً عن البلدِ يؤمَنُ اشتباهها، كعقارٍ وعبدٍ وفرسٍ، سمع البينةَ وحكمَ بها، وكتبَ إلى قاضِي بلدِ المالِ، ليسلِّمَهُ للمدعِي، ويعتمدُ في عقارٍ غير مشهورٍ حدودُهُ، ولا بدَّ أن تستقصَى فيه الصِّفاتُ المحصِّلَةِ للعلمِ، أو لا يؤمنُ، فالأظهرُ سماعُ البينةِ، ومحلُّ الخلافِ ما إذا لم يعلمِ القاضِي العينَ التي شهدَ بِهَا الشُّهودُ، وأن لا تكونَ البينةُ شاهدةً بملكِ العينِ من غيرِ أن تشهدَ على إقرارِ المستولِي على العينِ بأنَّ العينَ التي هي تحتَ يدي من صفتِها كذا ملك لفلانٍ، فإنَّ البينةَ إذا قامتْ عند القاضِي قضى بها جزمًا، ويبالغ المدَّعي في الوصفِ، ويذكرُ القيمةَ في غيرِ النَّقدِ، ويُعتبرُ في النقدِ ذكر الجنسِ والنَّوعِ والقدرِ والصحَّة والتكسيرِ، ولا حاجةَ إلى ذِكْرِ القيمةِ، كما قالَ شيخُنا، خلافًا لما في "المنهاجِ" من الإطلاقِ، وأنَّه لا يحكمُ بالبينةِ، بل يكتبُ إلى قاضِي بلدِ المالِ بما شهدتْ به، فأخذَهُ ويبعثه إلى الكاتبِ ليشهدُوا على عينه.
والأظهرُ أنّه يُسلِّمُه إلى المدعي بكفيلٍ ببدنهِ على الأرجَحِ، فإن كانتْ جاريةً فالأصحُّ أنَّه يُسلِّمُها إلى أمينٍ في الرفقةِ لا إلى المدعي، وإذا لم يظهر أنَّه للمدعي في صورةِ العينِ الغائبةِ عن البلدِ لزمَ المدعي مؤنةَ الإحضارِ، والردَّ، وأجرَةُ المثلِ مدَّةَ تعطِيلِ المنافِعِ إذا تلفَ يلزمُهُ ضمانُ بدلِهِ.
وإنِ ادَّعى عينًا غائبةً عنِ المجلسِ لا البلدِ، أمرَ بإحضارِ ما يُمكنُ إحضارُهُ لتقعَ الدَّعوى على العينِ المشخَّصةِ، ثم تقامُ البينةُ عندَ الإنكارِ عليها، هذا إذا كانَ الذي يمكنُ إحضارُهُ يعرفُهُ المدعِي والشهودُ ويشخصُّه المدعي، فإن لم يكن كذلك بأن كانتِ الدَّعوى في ثيابٍ مشتبهةٍ كالنصافي والبعلبكي وغير ذلك مما لا يعرفُه المدعي، فلا يؤمرُ المدعَى عليهِ بإحضارِ شيءٍ؛ لأنَّ