أحدها: إذا وجبَ لرقيقِهِ شيءٌ قبلَ أن يكونَ رقيقًا، بأنْ جنَى مسلمٌ أو ذميٌّ أو معاهدٌ على حرٍّ ذميٍّ أو معاهدٍ بقطعِ طرفه، ثم نقضَ المجنيُّ عليه العهد، والتحقَ بدارِ الحربِ، ثم استرقَّ، ووصلَ ملكه إلى حاكمٍ فادَّعى عند الحاكمِ المذكورِ على الجاني الذي جنَى عليهِ بالجنايةِ الصَّادِرَةِ في حالِ حريَّتِهِ، فإنَّ الحاكم المذكور يسمع الدعوى، ويحكمُ على الجاني بالبيِّنةِ، أو بإقرارِهِ بما يقتضيه الحالُ. قال شيخُنا: وإنما جوزنا له ذلك؛ لأن المدعي بالنسبة إلى الجناية المذكورَةِ كحرٍّ أو عبدِ غيرِهِ، ومجردُ كونِهِ مالكًا لا يمنعُ الحكمَ في هذه الصُّورَةِ، وأطالَ شيخُنا الكلامَ على ذلكَ في تصحيح "المنهاجِ".
الثانيةُ: العبدُ الموصَى بإعتاقِهِ الخارج من الثُّلثِ إذا قلنا إنَّ كسْبَهُ له دونَ الوارث، وكان الوارثُ حاكمًا فادَّعى العبدُ عندَهُ فإنَّه تسمع دعواه، ويُحكم لهُ، فإنَّه لا حقَّ لَهُ في الكسبِ واحتمالِ أن يموتَ، فينتقلُ له بعيد لا يمنعُ من الحكمِ، وهكذا المنذورُ إعتاقُه، وهي صورةٌ ثالثةٌ.
* * *
ولا ينفذُ حكمُهُ لشريكِهِ في المشتركِ، إلَّا إذا حُكمَ له في المشتركِ بشاهدٍ ويمينه، فإنَّه يجوزُ أن يحكمَ حينئذٍ، ولا يشاركُه فيه شريكه، ولا ينفذُ حكمُهُ لأصلِهِ ولا فرعِهِ على النصِّ (١)، إلَّا في الصُّورِ التي ينفذ حكمه فيها لنفسهِ، فإنَّه ينفذُ حكمُهُ فيها لهما، ويحكمُ له ولهؤلاءِ الإمامُ أو قاضٍ آخر، أو نائبِهِ على الصحيحِ، أو المحكم، ولا يحكم على عدوِّه، والمدارُ على أنَّ القاضيَ يقضي لمن يشهدُ لَهُ، وعلى من يشهدُ عليهِ.